للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها: "الزينة الظاهرة"، واتفَقوا هنا على أنَّ ما تَختَصُّ به العجوزُ عن الشابَّةِ رفعُ الجلبابِ فقطْ، والجلابيبُ هي ما تَختصُّ بسَتْرِ الوجهِ مِن بَشَرةِ الجسمِ، وتكونُ فوقَ بقيَّةِ الثيابِ ثوبًا على ثوبٍ، فالجلبابُ فوقَ الخِمَارِ، ويدُلُّ على أنَّ الجلابيِبَ ما كانتْ تستُرُ الوجوهَ للشابَّةِ جُمْلةٌ مِن تفسيرِ أفصحِ الناسِ وأقرَبِهم إلى الوحي، وهم الصحابةُ والتابعونَ:

منها: قولُ عائشةَ: "تُسدِلُ المرأةُ جِلْبابَها مِن فوقِ رَأْسِها على وَجْهِها"؛ أخرَجَهُ سعيدُ بنُ منصورٍ بسندٍ صحيحٍ (١)، وقولُها في "الصحيحَيْنِ": "فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي" (٢).

ومنها: قولُ ابنِ عبَّاسٍ: "تُدْلي الجِلْبابَ على وجهِها"؛ أخرَجَهُ أبو داودَ في "المسائلِ" بسندٍ صحيحٍ (٣)، وقولُه: "أمَرَ اللَّهُ نساءَ المؤمِنينَ إذا خَرَجْنَ مِن بُيُوتِهِنَّ في حاجةٍ أنْ يُغَطِّينَ وجوهَهُنَّ مِن فوقِ رؤوسِهِنَّ بالجلابيبِ، ويُبدِينَ عينًا واحدةً"؛ رواهُ ابنُ جريرٍ بسندٍ صحيحٍ (٤).

ومنها: ما رواهُ عاصمٌ الأحولُ؛ قال: كنَّا ندخُلُ على حَفْصةَ بنتِ سيرينَ، وقد جعَلَتِ الجلبابَ هكذا، وتَنَقَّبَتْ به، فنقولُ لها: رَحِمَكِ اللَّهُ! قال اللَّهُ تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ [النور: ٦٠]، وهو الجلبابُ؟ قال: فتقولُ لنا: أىُّ شيءٍ بعدَ ذلك؟ فنقولُ: ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٠]، فتقولُ: هو إثباتُ الجِلْبابِ (٥).

وإذا اتَّفَقَ الصحابةُ على أنَّ رُخْصةَ النساءِ العجائزِ وضعُ الجلابيبِ، وكشفُ الوجهِ مِن غيرِ زينةٍ، فماذا يُحِلُّونَ للمرأةِ الشابَّةِ أمامَ الأجانبِ؟ !


(١) "فتح الباري" لابن حجر (٣/ ٤٠٦).
(٢) أخرجه البخاري (٤١٤١)، ومسلم (٢٧٧٠).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>