للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عبدِ اللَّهِ بنِ طِهْفَةَ؛ أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا خرَجَ، جعَلَ يُوقِظُ الناسَ: (الصلاةَ، الصلاةَ! ) (١).

وقد كانتِ الأسواقُ في زمنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تُفتَحُ مع صلاةِ الفجرِ، فبيَّنَ بعضُ الصحابةِ خطورةَ التخلُّفِ عن صلاةِ الجماعةِ، والمبادَرَةِ إلى الأسواقِ قبلَها؛ فقد روى ابنُ أبي عاصمٍ في "الوُحْدَانِ"، ومِن طريقِهِ أبو نُعَيْمِ بسندٍ صحيحٍ، عن مِيثَمٍ رجلٍ مِن أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يَغْدُو المَلَكُ برايتِهِ مع أولِ مَن يَغدُو إلى المسجدِ، فلا يزالُ بها معه حتى يَرجعَ فيَدْخُلَ بابَ مَنْزِلِهِ، وإنَّ الشيطانَ لَيَغْدُو برايتِهِ مع أوَّلِ مَنْ يَغدُو إلى السُّوقِ" (٢).

وكان عملُ الصحابةِ -رضي اللَّه عنهم- عدمَ البيعِ وقتَ الصلاةِ، بلِ الانصرافَ مِن السوقِ وتركَهُ إلى المساجدِ؛ فروَى أحمدُ بسندٍ جيِّدٍ، عن زيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنِيِّ، قال: "كُنَّا نُصلِّي مع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَغْرِبَ، وننصرِفُ إلى السُّوقِ" (٣).

يعني: أنَّهم قطَعوا الضَرْبَ في الأسواقِ عصرًا بدخولِ وقتِ المغرِبِ، ثمَّ انصرَفوا إلى سُوقِهِمْ مرةً أُخرى.

وكان الأمرُ بذلك والطوافُ على الناسِ وتنبيهُهُمْ في أولِ الأمرِ في المدينةِ وفي آخرِ حياتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي أسفارِهِ أيضًا، كما في حَجَّةِ الوداعِ؛ كما رواهُ أبو نُعَيْمٍ في "معرفةِ الصحابةِ"، عن مسلم بنِ يَسَارٍ، عن أَبيهِ؛ قَالَ: خرَجْتُ مع مَوْلايَ فَضَالَةَ بنِ هِلَالٍ في حَجَّةِ الوداعِ، فسَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: (الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ! ) (٤).


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٤٢٦).
(٢) أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢٧١٥)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٦٣٥٤).
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ١١٤).
(٤) أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٦٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>