أصلُ الوصِيَّةِ معروفٌ في الجاهليَّةِ، وإنَّما دخَلَها تبديلٌ وتغييرٌ؛ بتقديمِ قريبٍ على قريبٍ، وحِرْمانِ مستحِقٍّ بالهَوَى والتعصُّبِ، والأموالُ حقوقٌ، والتغييرُ فيها والتعطيلُ والتبديلُ لها: ظلمٌ، وهذا الظلمُ يحتاجُ إلى بيانِ حُكْمِهِ، وإلى ضبطِ الوصيَّةِ؛ حتى يعلَمَ المُوصِي والموصَى له: ما له وما عليه؛ فبيَّنَ اللهُ شِرعتَهُ العادلةَ بقولِه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾.
وقد تقدَّم سابقًا الكلامُ على معنى:"كُتِبَ".
وإنَّما قال تعالى:"كُتِبَ"، ولم يقلْ:"كُتِبَتْ"، مع أنَّ المكتوبَ هو الوصيَّةُ، وهي موُنَّثةٌ؛ لأنَّ التأنيثَ لا على الحقيقةِ، ولأنَّه فُصِلَ بينَ المكتوبِ وفِعْلِه "كُتِبَ" بفاصلٍ.
وذكَرَ اللهُ حضورَ الموتِ، والمرادُ بحضورِهِ: ظهورُ علاماتِه؛ كالمَرَضِ المَخُوفِ، والكِبَرِ بمقاربةِ الهَرَمِ، أو قُرْبِ إقامةِ حدِّ القتلِ، أو مواجهةِ عدوٍّ يَغْلِبُ على الظنِّ معه عدمُ السلامةِ.
وهناك أحوالٌ دُونَها مَرْتَبةً يَظْهَرُ معها الخوفُ مِن المَوْتِ، لكنَّها