للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه تعالى: ﴿بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ﴾ خطابٌ لأطفالِ الناسِ، وليس لأطفالِ الأَبعدِينَ، فإنْ كان هذا الحُكْمُ في أطفالِهم، فأطفالُ الأبعَدِينَ مِن بابِ أَولى.

وقولُه تعالى: ﴿فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾؛ أى: إنَّهم أخَذُوا حُكْمَ مَن سبَقَهم مِن البالغِين، على ما تقدَّمَ بيانُهُ مِن صفةِ الاستئذانِ وبَذْلِ السلامِ.

واللَّهُ قد خفَّفَ على الصِّغارِ في حالِ صِغَرِهم، ولكنَّه بعدَ البلوغِ أَلْحَقَهم بمَن سبَقَهُمْ مِن الحالِمين، فقد جعَلَ الأطفالَ الصِّغارَ والمواليَ يَستأذِنونَ في الأوقاتِ الثلاثةِ، ولكنْ جعَلَ استئذانَهُمْ بعدَ بُلُوغِهم: كلَّ وقتٍ، كما تقدَّمَ في غيرِهم.

وقد صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ قولُهُ: "أمَّا مَن بلَغَ الحُلُمَ، فإنَّه لا يدخُلُ على الرجُلِ وأهلِهِ -يعني: مِن الصِّبْيانِ الأحرارِ- إلَّا بإذنٍ على كلِّ حالٍ، وهو قولُه: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ " (١).

وجاء عن عطاءٍ في قوله: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾؛ قال: "واجبٌ على الناسِ أجمَعِينَ أنْ يَستَأْذِنُوا إذا احتلَمُوا، على مَن كان مِن الناسِ" (٢).

* * *


(١) "تفسير الطبري" (١٧/ ٣٥٨)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٣٧).
(٢) "تفسير الطبري" (١٧/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>