للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصحَّ عن حُمَيْدِ بنِ هلالٍ، قال: كانوا في سفرٍ فصلَّى بهم أبو موسى؛ فسقَطَ رجلٌ أعورُ في بئرٍ أو شيءٍ، فضَحِكَ القومُ كلُّهم غيرَ أبي موسى والأحنفِ؛ فأمَرَهم أن يُعبدوا الصلاةَ (١).

وقد حكَى ابنُ المُنذِرِ (٢) الإجماعَ على بطلانِ صلاةِ مَن ضَحِكَ.

وأمَّا التبسُّمُ مِن غيرِ ضحكٍ وقهقهةٍ، فقد ذهَب عامَّةُ السلفِ إلى عدمِ بطلانِ الصلاةِ بالتبسُّمِ، وفرَّقوا بينهُ وبينَ القهقهةِ، وقد قال جابرُ بنُ عبدِ اللَّهِ: "التبسُّمُ لا يَقطَعُ، ولكنْ تقطعُ القرقرةُ" (٣).

وبهذا قال مجاهدٌ (٤)، والحسنُ (٥)، والنَّخَعيُّ (٦)، ويُروى هذا عن ابنِ مسعودٍ (٧)؛ وهو الصحيحُ الذي لا ينبغي خلافُه؛ لأنَّ التبسُّمَ تعابيرُ في الوجهِ، وقد يكونُ الحاملُ له معنًى مِن مَعاني القرآنِ؛ كالفرَحِ بنعيمِ الجنةِ وسَعَةِ فضلِ اللَّهِ ورحمتِه، وليس هو مِن جنسِ ضَحِكِ القهقهةِ الذي لا يكونُ عن تعظيمٍ وسرورٍ بالحقِّ؛ وإنَّما خروج عن مَقَامِ الصلاةِ وعَظَمتِها.

وقد رُوِيَ عن ابنِ سيرينَ أنَّه جعَل التبسُّمَ ضحكًا؛ كما رواهُ الحكمُ بنُ عطيُّةَ، عن ابنِ سيرينَ؛ أنَّه سُئل عن التبسُّمِ في الصلاةِ؟ فقرَأ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٩١٤).
(٢) "الأوسط" (٣/ ٤٣٩)، و"الإجماع"؛ لابن المنذر (٣٤).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٩٠٢)، وعبد الرازق في "مصنفه" (٣٧٧٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٥١).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٩٠٤)، وعبد الرازق في "مصنفه" (٣٧٧٥).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٩٠٥).
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٩٠٣).
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٩٠١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٨٧٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>