للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآيةَ: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا}: لا أعلَمُ التبسُّمَ إلَّا ضحكًا (١).

ولا أعلَمُ مَن قال بقولِ ابنِ سيرِينَ هذا مِن الصحابةِ ولا مِن التابعينَ في أنَّ التبسُّمَ يُبطِلُ الصلاةَ، وتفرَّدَ به عنه الحكمُ بنُ عطيَّةَ، وقد ضعَّفَه النَّسَائيُّ (٢)، وقد قال فيه أحمدُ: "حدَّث بمناكيرَ"؛ قال المَرُّوذيُّ؛ "كأنَّه ضعَّفه" (٣).

ويتَّفقُ العلماءُ على أنَّ الضحكَ والقهقهةَ خارجَ الصلاةِ لا يُبطِلُ الوضوءَ؛ كما حكاهُ ابنُ المُنذِرِ (٤)، وأنَّ الضحكَ بلا قهقهةٍ لا ينقُضُ الوضوءَ في أثناءِ الصلاةِ؛ كما حكاهُ النوويُّ؛ وإنَّما خلافُهم في الضحكِ مع القهقهةِ في أثناءِ الصلاةِ: هل يُبطِل الصلاةَ والوضوءَ، أم يُبطِلُ الصلاةَ فحَسْبُ؟ والصحيحُ: عدمُ نقضِهِ الوضوءَ، وهو قولُ جمهورِ العلماءِ؛ لعدمِ الدليلِ الصحيحِ على ذلك، خلافًا لأبي حنيفةَ، بل الصحيحُ عن الصحابةِ: عدمُ النقضِ؛ فقد ثبَت عن جابرٍ قولُه: "إذا ضحِك في الصلاةِ، أعادَ الصلاةَ ولم يُعِدِ الوضوءَ" (٥)

وكلُّ الأحاديتِ الواردةِ في نقضِ الوضوءِ بالضحكِ معلولةٌ، وقد بيَّنتُها في "كتابِ العللِ".

* * *


(١) سبق تخريجه.
(٢) الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص ٨٠).
(٣) "العلل" للإمام أحمد، رواية المروذي وغيره (ص ٧٨).
(٤) "الأوسط" (١/ ٣٣٠)، و"الإجماع" لابن المنذر (ص ٣٤).
(٥) أخرجه البخاري معلقًا قبل حديث (١٧٦)، ووصله عبد الرزاق في "مصنفه" (٣٧٦٦)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٩٠٨)، والدارقطني في "سننه" (١/ ١٧٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>