للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه تعالى على لسانِ الرجُلِ: ﴿إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾ دليلٌ على أنَّ فِعلَه بِرٌّ واحسانٌ ونصحٌ، لا خيانةٌ للأمانةِ.

* * *

* قال تعالى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣].

لمَّا جاء موسى إلى مَدْيَنَ، ورَدَ موضعَ ماءٍ يجتمعُ الناسُ عليه لِيَسْقُوا، وقد هيَّأَ اللَّهُ لموسى خروجَ المرأتينِ ليكونَ بدايةً لصلاحِ أمرِهِ وأمانِه.

قولُه تعالى: ﴿وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ﴾: قال: ﴿مِنْ دُونِهِمُ﴾؛ أي: ليستَا معهم؛ للدَّلَالةِ على أنَّ المرأةَ لا تَختلِط بمَجامِعِ الرِّجالِ، بل تَعتزِلُهم، فقد كانتَا تَذُودَانِ؛ قال ابنُ عبَّاسٍ: "يعني لذلك حابستَيْنِ غَنَهما" (١)، وقال أبو مالكٍ: "تَحبِسانِ غنَمَهما حتى يفرُغَ الناسُ وتَخْلُوَ لهما البئرُ" (٢).

ويظهَرُ هذا في قولِهما: ﴿لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾، وفي هذا استحبابُ عَرضِ قضاءِ حاجةِ المرأةِ عندَ ظهورِ تعطيلِها؛ لأنَّهُنَّ غالبًا يَمنعُهُنَّ حياؤُهُنَّ عن طلبِ مُسَاعدةِ الرِّجالِ.

وقولُهما: ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ دليلٌ على ما سبَقَ؛ ففيه بيانُ عُذرِهما بحضورِهما إلى هذا الموضعِ مِن مواضعِ الرجالِ، ويُرِدْنَ بذلك


(١) "تفسير الطبري" (١٨/ ٢٠٨)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٩/ ٣٩٦٢).
(٢) "تفسير الطبري" (١٨/ ٢٠٩)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٩/ ٢٩٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>