للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخولِ المحلِّلِ بما جاء عندَ أحمدَ وأبي داودَ؛ مِن حديثِ سعيدِ بنِ المسيَّبِ، عن أبي هريرةَ؛ قال: قال رسولُ اللَّهِ : (مَن أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُو لَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ، فَهُو قِمَارٌ) (١).

وقد رواهُ مالكٌ في "الموطَّأِ"، فوقَفَهُ مِن حديثِ يحيى بنِ سعيدٍ؛ أنَّه سمِع سعيدَ بنَ المسيَّبِ يقولُ: "لَيْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ إِذَا دَخَلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ، فَإِنْ سَبَقَ أَخَذَ السَّبَقَ، وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ" (٢).

الثاني: كراهةُ دخولِ المحلِّلِ؛ وإلى هذا ذهَبَ بعضُ الحنابلةِ المحقِّقينَ؛ كابنِ تيميَّةَ وابنِ القيِّمِ؛ وذلك أنَّهم يرَوْنَ البَذْلَ مِن الجميعِ غيرَ جائزٍ أصلًا، وإدخالُهُ نوعُ تحايُلٍ عندَ مَن يحرِّمُهُ، ويرَوْنَ أنَّ المنعَ مِن السَّبَقِ بمحلِّلٍ وغيرِ محلِّلٍ أولى بالأخذِ مِن القولِ بتحريمِهِ ثمَّ تحليلِهِ بالمحلِّلِ.

الثالثُ: لا يجوزُ إدخالُ المحلِّلِ؛ وله قال جماعةٌ مِن الفقهاءِ المالكيَّةِ، وهو معتمَدُ المذهبِ عندَهم، وقد أنكَرَ مالكٌ العملَ بقولِ سعيدِ بنِ المسيَّب بالعملِ بالمحلِّلِ، ولا يجوزُ عندَ مالكٍ أنْ يَجعلَ المتسابقانِ سبَقَينِ يُخرِجُ كلُّ واحدٍ منهما سَبَقًا مِن قَبَلِ نفسِهِ على أنَّ مَن سبَقَ منهما، أحرَزَ سبَقَهُ وأخَذَ سبَقَ صاحبِه، وقد قال مالكٌ: "لا يجبُ المحلِّلُ في الخيلِ، ولا نأخُذُ فيه بقولِ سعيدٍ" (٣).

والفرق بينَ مَن قال بالكراهةِ ومَنْ قال بعدمِ الجوازِ: أنَّ مَن قال بالكراهةِ يَرى أنَّ دخولَهُ لا يؤثِّرُ في الحِلِّ، ومَن يرى عدمَ الجوازِ رأَى دخولَه لا يؤثِّرُ في التحريمِ.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٥٠٥)، وأبو داود (٢٥٧٩)، وابن ماجه (٢٨٧٦).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٦٨).
(٣) "تفسير القرطبي" (١١/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>