والمُسلِمونَ في بَلَدِ الكفرِ يجبُ عليهم أن يتمايزُوا عن المشرِكِين، ولو بأحزابٍ وجماعاتٍ ومنظَّماتٍ، ولكنَّه تمايُزٌ بينَ إسلامٍ وكفرٍ، لا تمايُزٌ بينَ مُسلِمينَ ومُسلِمينَ.
فيه: فضلُ الإحسانِ، وأنَّه على ذوي القُرْبَى أفضلُ مِن غيرِهم، والصدقةُ على الأقاربِ أفضلُ مِن الصدقَة على الأَبْعَدِينَ؛ لأنَّها صَدَقةٌ وصِلَةٌ، والهديَّةُ للأَقْرَبِينَ أفضلُ مِن الصدقة على الأَبْعَدِين؛ لأثرِ هديَّةِ القريب عليه في جلبِ فضائلَ عظيمةٍ؛ كصِلَةِ الرحمِ، وشدِّ الأزرِ به عندَ الحاجةِ إليه في حقٍّ، وأثرُ الهديةِ في القريبِ أَدْوَمُ مِن أثرِ الصَّدَقةِ في البعيدِ؛ لِمَا في "الصحيحَيْنِ"؛ أنَّ ميمونةَ بنتَ الحارث ﵂ أعْتَقَتْ وَليدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي؟ قالَ:(أَوَ فَعَلْتِ؟ )، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:(أمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ، كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ)(١).
وقد تقدم بيانُ فضلِ الصدقةِ والإحسانِ على الأَقْرَبِينَ في مواضعَ؛ منها عندَ قولِه تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ