للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: ١٦٨]، ونبَّهنا على ذلك في صدرِ كتاب "العقليَّةِ الليبراليةِ".

وفي قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾: قرينة على كفرِ تاركِ الصلاةِ في مُشابهتِهِ لهم بتركِه لها، وتقدَّمَت الإشارةُ إلى ذلك في قولِه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: ٥٩]، ويأتي الكلامُ على كفرِ تاركِها في سورة الماعونِ بإذنِ اللَّه.

وفي قوله تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾: أنَّ الفِرَقَ والأحزاب في المُسلِمينَ ليس مِن أمرِ الفِطْرةِ التي فُطِرَ الناسُ عليها؛ فاللَّه جعَلَهم أُمَّةً واحدةً: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [الأنبياء: ٩٢]؛ فالفِطرةً تُحِبُّ الجماعةَ والوَحْدةَ، والواجبُ نفيُ وجوهِ التمايزِ والتفرقِ؛ للاجتماعِ على الحقِّ على الصِّراطِ الذي خَطَّهُ النبيُّ لأمَّتِهِ بقولِهِ وفعلِه.

وأمَّا تمايُزُ أهلِ الحقِّ عن أهلِ الضلالِ والبدعِ والكفرِ، فهذا حقٌّ، ويدُلُّ على ذلك حديثُ الافتراقِ، فقد مَدَحَ النبيُّ الفِرقةَ المُتَّبِعَةَ ولو تمايَزتْ عن فرَقِ الضَّلَالِ، في قولِهِ : (إِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْن وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلا وَاحِدَةً) (١)، ومِن وجوهِ الحِرْمانِ والضلالِ: أنْ تتعدَّدَ الفِرَقُ في الأمَّةِ والأحزابُ بدَعْوَى أنَّ كلَّ واحدةٍ تَرى أنَّها هي تلك الفِرْقةُ الناجية وليستْ هي إلَّا ما كان عليه النبيُّ وأصحابُه.


(١) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٠)، وابن ماجه (٣٩٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>