للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَيْرِ مَوَاليِهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ؛ لَا يقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا) (١).

وقد أمَر اللَّهُ بنداءِ الناسِ بأَنْسَابِهم الصحيحةِ، ومَنْ جُهِلَ نَسَبُهُ فيُدْعَى بالأُخوَّةِ الإيمانيَّةِ أو النداءِ بالمَوْلَى؛ كما قال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}.

وعفا اللَّهُ عمَّا جَرى على اللِّسَانِ مِن غيرِ قصدٍ للمعنى، ولكنَّ الإثمَ بالقصدِ؛ كما قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}.

* * *

* قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الأحزاب: ٦].

في هذا: عِظَمُ حقِّ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على المؤمنينَ، وأنَّه أَوْلَى منهم بأنفُسِهم، فيجبُ طاعُتهُ وتعظيمُهُ فوقَ كلِّ طاعةٍ وإجلالٍ لكلِّ مخلوقٍ، وإنْ أمرَهم بشيءٍ يُخالِفُ أهواءَهم وما يَرْغَبونَ، فيجبُ عليهم طاعتُه؛ لأنَّه أَولى بهم مِن أنفُسِهم.

وذِكْرُ هذه الآيةِ بعدَ الآيةِ السابقةِ في تحريمِ أُبُوَّةِ غيرِ النَّسَبِ تنبيهٌ على أنَّ ما كان مِن أبوابِ الإجلالِ -كأنْ يقولَ الرجُلُ لأحدٍ: والدُنا؛ إجلالًا، والسامعُ يَعلَمُ قصدَ الإجلالِ- أنَّ ذلك جائزٌ؛ ولهذا قال في هذه


(١) أخرجه مسلم (١٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>