للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائشةَ بقولها: "أنا أمُّ رجالِكم": أنَّ الحُرْمةَ مع الرِّجالِ أعظَمُ وأشَدُّ مِن جهةِ النِّكاحِ وميلِ القلبِ والطمعِ فيهنَّ، بخلافِ النِّساءِ؛ فهذا ليس موجودًا فِيهِنَّ.

وقولُه تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}: هذه الآيةُ ناسخةٌ لكلِّ ما كانتْ تفعلُهُ العربُ مِن التوريثِ بالتبنِّي والمؤاخاةِ والحِلْفِ، وأنَّ المِيرَاثَ يكونُ لأُولِي الأرحامِ بحَسَبِ مَرَاتبِهم المذكورةِ، وقد تقدَّم الكلامُ على شيءٍ مِن ذلك عندَ قولِهِ تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٣٣)} [النساء: ٣٣]

وفي قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} جوازُ فعلِ المعروفِ لِمَنْ يُوَالُونَهم، ويُحْبَوْنَ في حالِ الحياةِ بالهديَّةِ والعطيَّةِ والصَّدَقةِ، ولكنْ لا يدخُلُونَ في الميِرَاثِ بعدَ الموتِ.

* * *

* قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} [الأحزاب: ٢١].

في هذه الآيةِ: حثٌّ على الاقتداءِ بالنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتأسِّي بفعلِه؛ وذلك أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- معصومٌ في قولِه وفعلِه، ويُشرَعُ التأسِّي بهَدْي جميعِ الأنبياءِ؛ كما قال تعالى لنبيِّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، وقال اللَّهُ عن إبراهيمَ: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>