للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٤٩)[الأحزاب: ٤٩].

ذكَرَ اللَّهُ في هذه الآيةِ المطلَّقةَ التي لم تُمَسَّ ولم يُدخَلْ بها، ولم يَجعَلْ عليها عِدَّةً، وأَوجَبَ اللَّهُ لها المُتْعةَ، ولم يُوجِبْ لها المهرَ.

ولا خلافَ عندَ العلماءِ على أنَّه يجوزُ تطليقُ المرأةِ بعدَ العَقْدِ وقبلَ الدخولِ، وبمجرَّدِ وقوعِ الطلاقِ عليها فهي بائنةٌ بلا عِدَّةِ؛ لها أنْ تتزوَّجَ، وللرِّجالِ أنْ يَخطُبوها.

وقد روى مالكٌ في "الموطَّأِ" -وعنه الببهقيُّ- مِن حديثِ معاويةَ بنِ أبي عيَّاشٍ: "أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ؛ قَالَ: فَجَاءَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ البُكَيْرِ، فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَمَاذَا تَرَيَانِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّ هَذَا الأَمْرَ مَا لَنَا فِيهِ قَوْلٌ؛ فَاذْهَبْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ؛ فَإِنِّي تَرَكْتُهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَسَلْهُمَا، ثُمَّ ائْتِنَا فَأَخْبِرْنَا، فَذَهَبَ فَسَأَلَهُمَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَفْتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؛ فَقَدْ جَاءَتْكَ مُعْضِلَةٌ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلَاثَةُ تُحَرَّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ" (١).

وفي روايةٍ أنَّ عائشةَ تابَعَتْهما على ذلك (٢).

وبهذا قَصَى عليُّ بنُ أبي طالبٍ (٣)، وابنُ مسعودٍ (٤)، وزيدٌ (٥)،


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٥٧١)، واالبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٣٥، و ٣٥٥).
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٥٥).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١١٠٨٤) وابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٨٥٨).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١١٠٨٤) وابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٨٥٨).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١١٠٨٤) وابن المنذر في "لأوسط" (٩/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>