وقد جاء عن ابنِ مسعودٍ أنَّه خالَفَ في ذلك، ووافَقَهُ على قولِه أبو حنيفةَ، وأنكَرَ ابنُ عبَّاسٍ على ابن مسعودٍ ذلك؛ كما روى الحاكمُ والبيهقيُّ؛ مِن حديثِ يزيدَ النَّحْويِّ، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ قال: ما قالها ابنُ مسعودٍ، وإن يكنْ قالَها، فزَلَّةٌ مِن عالمٍ، في الرجلِ يقولُ: إنْ تزوَّجْتُ فلانةَ، فهي طالقٌ؛ قال اللَّهُ ﵎: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾، ولم يقل: إذا طلَّقْتُم المؤمناتِ ثمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ (١).
بيَّن اللَّهُ ما أحَلَّهُ لنبيِّه ﷺ مِن النساءِ، وقد جعَلَ شَرْطَ جوازِ نكاحِهِ منهنَّ: أنْ يَكُنَّ مؤمناتٍ، ويُؤْتِيَهُنَّ أجورَهُنَّ، وهي مُهُورُهُنَّ.
وفي هذه الآيةِ: دليلٌ على وجوبِ المَهْرِ وفَرْضِه، وأنَّه إن وقَعَ المهرُ مِن النبيِّ ﷺ مع النساءِ مع رغبتِهِنَّ فيه وفضلِهِ على الرجالِ والنساءِ جميعًا، فهو على غيرِهِ مِن بابِ أَولى، وقد تقدَّم الكلامُ على المَهْرِ وحُكْمِه وتفصيلِه وتسميتِهِ وحَدِّهِ وحُكْمِ استردادِه؛ وذلك مفرَّقًا عندَ قولِهِ تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى
(١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٠٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٢٠).