للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله تعالى: ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا﴾ قراءتانِ: قراءةٌ بكسرِ (إِنْ)، وقراءةٌ بفتحِها، وحمَل بعضُهم الكسرَ على عدمِ الوقوعِ عندَ نزولِ الآيةِ، والمعنى: إنْ وهَبَتْ؛ يعني: إنْ وقَع ذلك، فهو حلالٌ خاصٌّ بك، والحاملُ في ذلك قولُه: ﴿أَحْلَلْنَا﴾، فليس مجرَّدُ وَهْبِ النَّفْسِ مجيزًا للنِّكاحِ إلَّا للنبيِّ .

وقد اختُلِفَ في هذا: هل وقَعَ أنْ تزوَّجَ النبيُّ امرأةً وهَبَتْ نفسَها له أو لا؟ على قولَيْنِ للعلماءِ؛ كما اختلَفَ مَن قال بحدوثِ ذلك في تعيينِها، وليس هذا محلَّ الكلامِ عليه، ولكنَّ الثابتَ أنَّ منهنَّ مَن وهَبتْ نفسَها كما في "الصحيحينِ"؛ مِن حديثِ عائشةَ (١)، وسهلِ بنِ سعدٍ (٢)؛ وإنَّما النِّزاعُ في قَبُولِهِ لها، واللَّهُ أعلَمُ.

* * *

* قال تعالى: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥١].

في هذا: توسعةٌ لرسولِ اللَّهِ في تعامُلِهِ مع نسائِه، وقد قال بعضُ السلفِ: إنَّ اللَّهَ خَفَّفَ عليه في أمرِ التسويةِ في القَسْمِ، ورُوِيَ هذا عن قتادةَ ومجاهِدٍ والضحَّاكِ (٣)، وقال جماعةٌ مِن الفقهاءِ: "إنَّ القَسْمَ بينَ الزوجاتِ ليس واجبًا عليه".


(١) أخرجه البخاري (٤٧٨٨)، ومسلم (١٤٦٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٣٠)، ومسلم (١٤٢٥).
(٣) "تفسير الطبري" (١٩/ ١٣٩)، و"تفسير ابن كثير" (٦/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>