للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنينَ حينَما خَيَّرَهُنَّ اللَّهُ بينَ النبيِّ وبينَ الحياةِ الدُّنيا، فاختَرْنَ رسولَ اللَّهِ؛ وهذا القولُ ذهَبَ اليه جماعةٌ منِ السلفِ؛ كابنِ عبَّاسٍ ومجاهدٍ وقتادةَ وغيرِهم (١).

وقد جاء أنَّ اللَّهَ أباحَ للنبيِّ النِّكاحَ بعدَ ذلك، ولكنَّه لم يتزوَّجْ، وعلَّلَهُ بعضُهُمْ: أنْ تكونَ المِنَّةُ لرسولِ اللَّهِ عليهنَّ؛ إكرامًا له وإحسانًا إليه، وقد روى أحمدُ وهو في "السُّننِ" أيضًا، عن عائشةَ ؛ قالتْ: "مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ" (٢).

وقد قال بأنَّ تحريمَ النساءِ عليه نُسِخَ جماعةٌ؛ كالشافعيِّ وغيرِه، ومِن السلفِ مَن قال: إنَّ التحريمَ باقٍ عليه إلى وفاتِه ، وإنَّ آيةَ التحريم لم تُنسَخْ، ورُوي هذا عن ابنِ عبَّاسٍ (٣)، والحَسَنِ (٤)، وابنِ سِيرِينَ (٥).

ومنهم مَن قال: إنَّ المرادَ بقولِه: ﴿مِنْ بَعْدُ﴾؛ يعني: ما عَدَّهُ اللَّهُ في الآيةِ السابقةِ ممَّا أحَلَّهُ اللَّهُ لنبيِّه، فما بَعْدَهُ يحرُمُ عليه؛ ورُوِيَ هذا عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ (٦)، وقولًا لمجاهدٍ (٧).

والقولُ الأولُ أشهَرُ، وعليه جمهورُهم.

* * *


(١) "تفسير الطبري" (١٩/ ١٤٧)، و"تفسير ابن كثير" (٦/ ٤٤٧).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ٤١)، والترمذي (٣٢١٦)، والنسائي (٣٢٠٤).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (١٠/ ٣١٤٦)، و"تفسير ابن كثير" (٦/ ٤٤٨).
(٤) "تفسير ابن أبي حاتم (١٠/ ٣١٤٧)، و"تفسير القرطبي" (١٧/ ١٩٧).
(٥) "تفسير القرطبي" (١٧/ ١٩٧).
(٦) السابق.
(٧) "تفسير القرطبي" (١٧/ ١٩٧)، و"تفسير ابن كثير" (٦/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>