للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَر اللَّهُ بإدناءِ الجِلْبابِ، والجِلْبابُ هو ما يكونُ مِن لِبَاسٍ فَضْفاضٍ فوقَ الخِمَارِ يَستوعبُ أعلى البَدَنِ ووسطَه، ويُسدَلُ فيُغطَّى به الوجهُ والصدرُ؛ ففي "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ عائشةَ ؛ قالتْ: "فَخَمَّرْتُ وَجْهي بِجِلبَابِي" (١).

والجِلْبابُ قريبٌ مِن العباءةِ اليومَ لكنَّه غيرُ مفصَّلٍ، ويُسمَّى: القِنَاعَ أو المُلَاءةَ.

والجِلْبابُ ليس غِطَاءً خاصًّا بالوجهِ وحدَه؛ ولكنَّه للوجهِ وغيرِه؛ ولذا قال: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾؛ يعني: نأخُذُ شيئًا مِن جِلبْابِها ونُنزِلُه على وجهِها؛ كما يأتي بيانُه.

والفرقُ بينَ الخِمَارِ والجِلْبابِ: أنَّ الخِمارَ يكونُ تحتَ الجِلْبابِ، والخِمارُ تَلبَسُهُ المرأةُ وتشُدُّهُ على رأسِها وما دُونَه، ويكونُ ملاصِقًا للجسمِ مشدودًا، بخلافِ الجلبابِ؛ فهو غطاءٌ زائدٌ فوقَهُ فَضْفاضٌ يُرخَى غالبًا ولا يُشَدُّ لا على الوجهِ ولا على الصدرِ بحيثُ يُبرِزُ حجمَ العضوِ؛ ولذا جاء في "صحيح مسلمٍ"، عن أمِّ سُلَيْمٍ: "أنَّها خَرَجَتْ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا" (٢)؛ يعني: تُدِيرُهُ على رأسِها وتشُدُّه، والخِمارُ هو الذي تَصُرُّ بطرَفِه بعضُ النِّساءِ الأوائلِ دنانيرَها؛ لتَماسُكِهِ وثباتِهِ عليها.

قال أبو نُعَيْمٍ الأصبهانيُّ: "الجلبابُ فوقَ الخِمَارِ ودونَ الرِّداءِ تَستوثِقُ المرأة صدرَها ورأسَها" (٣).

وقولُه تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ﴾:

الأدناءُ مِن الدنوِّ، وهو القُرْبُ، ويكونُ مِن مكانٍ عالٍ أو مُوَازٍ،


(١) أخرجه البخاري (٤١٤١)، ومسلم (٢٧٧٠).
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٠٣).
(٣) "المسند المستخرج على صحيح مسلم" (٢/ ٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>