للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذا رُوحٍ أو ليس بذي رُوحٍ؛ وعلى هذا فلا ذريعةَ لِمَنْ قال بجوازِها مِن هذا الوجهِ، ولو كانتْ لسليمانَ جائزةً وهي ذاتُ أرواحٍ، لم يصحَّ الاستدلالُ بها؛ لأنَّ اللَّهَ حرَّمَ التماثيلَ وتصاويرَ الأرواحِ، كما أجاز اللَّهُ لسليمانَ مِلْكَ الجِنِّ والتصرُّفَ فيهم، ولم يُجِزْه لغيرِه؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ أنَّ النبيَّ قال: (إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ؛ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمْكَنَنِي مِنْهُ فَذَعَتُّهُ، فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ أَجْمَعُونَ -أَوْ كُلُّكُمْ- ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ [ص: ٣٥]، فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا) (١).

وتصاويرُ ذواتِ الأرواحِ محرَّمةٌ كذلك على الأمَّةِ، والأحاديثُ فيها متواترةٌ؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ عائشةَ؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ قال: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ) (٢).

وفيهما أيضًا؛ قال : (إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ! ) (٣).

وفيهما عن أبي زُرْعةَ؛ قال: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي دَارِ مَرْوَانَ، فَرَأَى فِيهَا تَصَاوِيرَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: (قَالَ اللَّهُ ﷿: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً) (٤).

وفيهما عن ابنِ عبَّاسٍ ؛ أنَّ رجلًا قال له: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوَّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ، فَأَفْتِنِي فِيهَا، فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنَّي،


(١) أخرجه البخاري (٤٦١)، ومسلم (٥٤١)؛ من حديث أبي هريرة .
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٥٤)، ومسلم (٢١٠٧/ ٩٦).
(٣) أخرجه البخاري (٥٩٥٧)، ومسلم (٢١٠٧/ ٩٦)؛ من حديث عائشة .
(٤) أخرجه البخاري (٥٩٥٣)، ومسلم (٢١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>