وأمَّا التصاويرُ التي لا يَتصرَّفُ فيها الإنسانُ؛ وَإِنَّمَا هُوَ تَثْبِيتٌ لِمَا هو مِن خَلْقِ اللَّهِ، كَمَا يَظهَرُ فِي المِرْآةِ وَالمَاءِ والشاشاتِ العاكسةِ، مباشرةً أو مسجَّلةً، وما ثبَتَ فِيهَا مِنْ صُوَرٍ، فهذا ليس مِنْ صنعِ الإنسانِ ولا تدبيرِه؛ وإنَّما هو انعكاسٌ لخَلْقِ اللَّهِ كانعكاسِ المِرْآةِ وَالماءِ، إلَّا أنَّ هذا وقتيٌّ ويزُولُ، وذاك يُقدَرُ على تثبيتِه، عَلَى اختلافٍ فِي مُدَّةِ تثبيتِه، فيجوزُ فعلُ ذلك بشرطَيْنِ:
الشرطُ الأولُ: ألَّا يُتصرَّفَ في تلك التصاويرِ بشيءٍ يُخرِجُها عمَّا هي عليه بطبيعتِها التي خَلَقَها اللَّهُ عليها؛ لا بتضخيمٍ ولا بتحقيرٍ، ولا بتغييرِ لَوْنٍ أو عَيْنِ أو أَنْفٍ أو أُذُنٍ للإنسانِ؛ فإنَّ تغييرَ ذلك يجعلُها مرسومةً بخطِّ الإنسانِ ويدِه.
الشرطُ الثاني: ألَّا تُعظَّمَ، وممَّا يُشعِرُ بتعظيمِها تعليقُها في المَجالِسِ والميادينِ، وكلَّما كانتْ هيئةُ التعظيمِ أظهَرَ، كان التحريمُ أشَدَّ، وتعليقُ المعظَّم محرَّمٌ، وقد لا يكونُ ذا رُوح، والغالبُ أنَّ الناسَ تُعلِّقُ صورَ ذواتِ الأَرواحِ للتعظيم، وتُعلِّقُ صورَ الطبيعةِ للتَّزْيِينِ، وتعليقُ غيرِ المعظَّمِ مباحٌ؛ كما لا يُعرَفُ عادةً أنَّ الناسَ تُعظِّمُه؛ كصُوَرِ وتماثيلِ الأشجارِ والأواني والجبالِ والأفلاكِ والبحارِ والأنهارِ والسحابِ.
وقد رُخِّصَ بالصُّوَرِ المُمتهَنةِ، والتي لم يَنسُجْها أو يَصْنَعْها الإنسانُ بنفسِه، ومِثلُ ذلك: الصُّوَرُ التي تكونُ على النَّعْلِ والخُفِّ والسراويلِ والفُرُشِ الأرضيَّةِ، بخلافِ ما يُعلَّقُ على الحِيطَانِ معتدلًا مَبرُوزًا، وما