نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦١]، وقولِه تعالى في قصةِ موسى في القَصَصِ: ﴿وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ﴾ [٢٣]، وفي قولِه في طه والقَصَصِ: ﴿فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [طه: ١٠]، ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [القصص: ٢٩]، وقد بيَّنتُ أحكامَ هذه المسألةِ في رسالةٍ مستقلَّةٍ.
قولُه تعالى: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾، نَهَى اللَّهُ عن التنابُزِ ولَمْزِ المؤمنِ لأخيهِ، وجعَلَ ذلك كلَمْزِهِ لنفسِه، وفي هذا تنبيهٌ إلى الأخوَّةِ الإيمانيَّةِ ووجوبِ أنْ يشعُرَ المؤمنُ بأخيهِ، وأنَّ وقوعَهُ فيه كوقوعِ غيرِهِ فيه، وأنَّه يجبُ أنْ يُحِسَّ بأَخِيهِ كإحساسِهِ بنفسِه، وكثيرًا ما يذكُرُ اللَّهُ ذلك تذكيرًا للمؤمنِ يما ينساهُ مِن حقِّ الأخوَّةِ الإيمانيَّةِ؛ كما قال في تحريمِ الأموالِ: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]؛ أي: فأنتَ تأكُلُ مالَ نفسِكَ، وكقولِهِ في القتلِ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩].
وقد روى ابنُ جريرٍ؛ مِن حديثِ سعيدٍ، عن قتادةَ؛ قولَهُ: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٤]؛ أي: لا يقتُلْ بعضُكم بعضًا، ﴿وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ [البقرة: ٨٤]، ونفسُك يا بنَ آدمَ أهلُ مِلَّتِك (١).
وقولُه: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾؛ يعني: لا يطعُنْ بعضُكم في بعضٍ، والتنابُزُ يالألقابِ إطلاقُ أوصافِ السُّوءِ وأسمائِها، وأشَدُّها ما يكونُ في دِينِه؛ كقولِه: يا كافرُ، أو يا يهوديُّ، أو يا مجوسيُّ، أو في عِرْضِه؛ كقولِه: يا زاني، أو يا عاهرُ، وغيرَ ذلك، ويأتي بعدَ ذلك ألقابُ التعبيرِ والتنقُّصِ، وكلامُ الناسِ بعضِهم في بعضٍ له مواضعُ ومقاصدُ، ولمزُ الناسِ بعضِهم بعضًا وتنابُزُهم على موضعَيْنِ: