للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضعًا خاصًّا، وقد رَوَى مسلمٌ، عن أبي هريرةَ؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ قَالَ: (إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) (١).

ومِن السلفِ: مَن حمَلَ الآيةَ على صفوفِ الجهادِ ومَجالسِها، فحمَلَ التفسُّحَ على النَّفيرِ في قولِه: ﴿تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾، ويُروى هذا عن ابنِ عبَّاسٍ وغيرِه (٢).

وقولُه تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾؛ يعني؛ الإجابةَ لكلِّ داعٍ يدعو إلى خيرٍ وهدًى، فيجبُ أن يُجابَ.

* * *

* قال اللَّهُ تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المجادلة: ١٢ - ١٣].

لمَّا أكثَرَ الناسُ المسائِلَ على رسولِ اللَّهِ ، وأثقلُوا عليه في الجليلِ والدقيقِ، أراد اللَّه أن يُخفِّفَ عن نبيِّه ذلك، فأمَر مَنْ أراد أن يَسألَ نبيَّه أن يُقدِّمَ بينَ يَدَيْ نَجْوَاهُ صدقةً لفقراءِ المُسلِمِينَ يُنفِقُها رسولُ اللَّهِ عليهم؛ لأنَّه لا تَحِلُّ له الصدقةُ ولا لآلِه، ولم تُقدَّرِ الصدقةُ بقَدْرٍ معيَّنٍ؛ وإنَّما بما يَقدِرُ عليه السائلُ ثمَّ لمَّا شَقَّ عليهم ذلك، نسَخَهُ اللَّه بقولِه: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾، وقد تحقَّقَ المراد بنزولِ هذه الآيةِ ولو نُسِخَتْ، فأدرَكَ الناسُ إثقالَهُمْ على رسولِ اللَّهِ بما أنزَلَ اللَّه في ذلك ونسَخَهُ.


(١) أخرجه مسلم (٢١٧٩).
(٢) "تفسير الطبري" (٢٢/ ٤٧٨)، و"تفسير ابن كثير" (٨/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>