للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرضِعَ والحامِلَ عليهما أن يُطْعِمَا عن كلِّ يومٍ مسكينًا، ولا يجبُ عليهما القصاءُ؛ سواءٌ خافَتا على نفسَيْهِما، أو خافَتا على ولدَيْهِما، وهذا رُوِيَ عنهما؛ كما رواهُ البيهقيُّ في "سُنَنِه"، وكذا عبدُ الرزَّاقِ بأسانيدَ صحيحةٍ صحَّحَها الدارقطنيُّ وغيرُه.

روى الدارقطنيُّ عن أيُّوبَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ: "أنَّ امرأتَهُ سألَتْهُ وهي حُبْلَى، فقال: أَفْطِرِي، وأَطْعِمِي عن كلِّ يومٍ مِسْكِينًا، ولا تَقْضِي" (١).

وبنحوِه عن سعيدِ بنِ حُبَيْرٍ عن ابنِ عبَّاسٍ (٢).

ولابنِ عبَّاسٍ قراءةٌ في قولِه: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾؛ قال: "يُطَوَّقُونَهُ"؛ مِن الطَّوْقِ الذي يحاطُ بالعُنُقِ؛ أي: يستطيعُ الصيامَ مع المشقَّةِ؛ كأنَّه قد أحاطَ بعنقِهِ، فيستطيعُ الصومَ مع الكُلْفةِ؛ كالشيخِ الكبيرِ، والمرأةِ العجوزِ، والحامِلِ، والمرضِعِ؛ لهذا عليه أن يُطعِمَ على هذا المعنى.

وقد قرأَ بها حَفْصةُ، وسعيدُ بنُ المسيَّبِ، وعِكْرِمةُ مَوْلى عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وعطاءٌ، ومجاهدٌ، وغيرُهم، ولم يقرَأْ بها أحدٌ من العَشَرةِ؛ لمخالفتِها الرَّسْمَ.

وعلَّلَ بعضُهم ترجيحَ هذا القولِ: أنَّ فيه دفعًا لمشقَّةٍ كبيرةٍ على المرأةِ الحامِلِ والمرضِعِ، قالوا: يحصُلُ كثيرًا أن تُنجبَ المرأةُ خمسةَ أولادٍ مثلًا على التتابُعِ؛ فتكونُ المرأةُ سَنَةً حاملًا وسنتَينِ مُرضِعًا في كلِّ ولَدٍ مِن أولادِها، فهذه خمسَ عَشْرةَ سنةً بين حملٍ وإرضاعٍ، فإيجابُ القضاءِ عليها أن تصومَ خمسةَ عشَرَ شهرًا فيه حرَجٌ بالغٌ وشديدٌ، فكيف إذا زادَتِ المرأةُ على خمسةِ أولادٍ؟ !


(١) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٢٣٨٨) (٣/ ١٩٨).
(٢) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٢٣٨٢) (٣/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>