للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولِ جماعةٍ مِن الصحابةِ؛ كابنِ عمرَ وبلالٍ وأبي مسعودٍ البَدْرِيِّ، وأئمَّةِ التابعينَ؛ كابنِ المسيَّبِ وعلقمةَ.

ولا يثبُتُ عن النبيِّ نصٌّ صريحٌ على وجوبِ الأُضْحِيَّةِ، ولا نهيٌ صريحٌ مؤكَّدٌ عن تركِها، وأمْثَلُ ما يَحتجُّ به مَن يقولُ بوجوبِها: ما رواهُ ابنُ ماجَهْ؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا: (مَنْ كَانَ لَهُ سعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ، فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا) (١)، وهو حديثٌ يَرويهِ عبدُ اللَّهِ بنُ عيَّاشٍ القِتْبَانِيُّ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ مرفوعًا، وابنُ عيَّاشٍ مختلَفٌ فيه، وهو ضعيفُ الحديثِ؛ قاله أبو داودَ والنَّسَائيُّ وغيرُهما (٢)، وفي الحديثِ اختلافٌ في الرفعِ والوقفِ، وقد أنكَرَ أحمدُ رَفْعَه، وقال: "هذا حديثٌ مُنكَرٌ" (٣).

وقد كان أبو بكرٍ وعمرُ يَتْرُكانِ الأُضْحِيَّةَ؛ خشيةَ المشقَّةِ على الناسِ فيظُنُّونَها سُنَّةً، كما قال أبو سَرِيحَةَ حُذَيفةُ بن أسِيدٍ: "رأيتُ أبا بكرٍ وعمرَ وما يُضَحِّيَانِ"؛ رواهُ عبدُ الرَّزاقِ (٤).

وروى عبد اللَّه بنُ أحمد في "علله" (٥)، عن حُذَيْفَةَ بنِ أَسِيدٍ؛ قال: لقد رأيتُ أبا بكرِ وعمرَ وما يُضَحِّيَانِ عن أهلِهما؛ خشية أنْ يُستَنَّ بهما.

ورَوَى الخطيبُ في "المتَّفِقِ"، عن العلاءِ بنِ هلالٍ؛ أنَّ رجلًا سأَل


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٢١)، وابن ماجه (٣١٢٣).
(٢) "تهذيب الكمال" (١٥/ ٤١١).
(٣) ينظر: "تنقيح التحقيق"؛ للذهبي (٢/ ٦٢)، و"الفروسية" لابن القيم (ص ٢٦١)، و"تفسير ابن كثير" (٥/ ٤٣٢).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٨١٣٩).
(٥) "العلل ومعرفة الرجال" لأحمد، رواية ابنه عبد اللَّه (٣/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>