للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنَ عمر عن الأُضْحِيَّةِ؟ فقال ابنُ عمرَ: أيَحسَبُها حَتْمًا؟ لا، ولكنَّها حسَنةٌ (١).

وأمَّا ما رواهُ الشيخانِ؛ مِن حديثِ جُنْدُبِ بنِ سُفْيانَ البَجَليِّ؛ قال: ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ أُضْحِيَّةً ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا أُنَاسٌ قَدْ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، رَآهُمُ النَّبِيُّ أنَّهُمْ قَدْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا، فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ" (٢).

فهذا تشريعُ توقيتٍ، والمواقيتُ تكونُ في السُّننِ، كما تكونُ في الواجباتِ، وما جاء توقيتُه، فليس لأحدٍ تقديمُهُ ولا تأخيرُهُ عما وُقِّتَ فيه؛ كتشريع الوِتْرِ آخِرَ صلاةِ الليلِ في قولِه : (اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيلِ وِتْرًا) (٣)، وذلك أنَّ التوقيتَ للعبادةِ حُكْمٌ غيرُ حُكْمِ العبادةِ في نفسِها.

وأمَّا وقتُ الأُضْحِيَّةِ: فلا يختلفُ العلماءُ في أنَّ الأُضْحِيَّةَ تُشرَعُ بعدَ صلاةِ العيدِ، وأنَّ ذَبْحَها قبلَ ذلك ليس وقتًا لها؛ كما جاء عن البَرَاءِ؛ أنَّه قال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ يَوْمَ النَّحْرِ؛ قَالَ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ)، فَقَامَ خَالِي أبو بُرْدَةَ بنُ نِيَارٍ، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ؟ قَالَ: (اجْعَلْهَا مَكَانَهَا -أَوْ قَالَ:


(١) "المتفق والمفترق" للخطيب البغدادي (٣/ ١٧٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٠٠)، ومسلم (١٩٦٠).
(٣) أخرجه البخاري (٩٩٨)، ومسلم (٧٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>