الوالدَيْنِ أو الأولادِ مجاهِدًا في سبيلِ اللهِ أو غارِمًا، فهل يُعطَى الوالدُ مِن زكاةِ ابنِهِ، ويُعطَى الابنُ مِن زكاةِ والدِهِ؛ لكونِهِ مِنْ أهلِ ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦٠] أو ﴿وَالْغَارِمِينَ﴾ [التوبة: ٦٠]؛ فليس هذا مِن نففتِه؟ فهذا مِن مواضِعِ الخلافِ عندَهُمْ على قولَيْنِ:
الأوَّل: ذهَبَ جماعةٌ مِن العلماءِ: إلى جوازِ إعطاءِ مَنْ تجبُ نفقتُهُ ولو كان والدًا أو ولدًا مِن غيرِ سَهْمِ الفقراءِ والمساكينِ؛ لأنَّ هذَيْنِ السهمَيْنِ نفقةٌ وحقٌّ، ويجوزُ إعطاؤُهُمْ في المكاتَبَةِ والغُرْمِ وفي سبيلِ اللهِ مِن الزَّكَاةِ؛ وهذا قولُ المالكيَّةِ والشافعيَّةِ، ورجَّحَهُ ابنُ تيميَّةَ.
والثاني: ذهَبَ الحنابلةُ والحنفيَّةُ؛ فمَنَعُوا إعطاءَ الزكاةِ لِمَنْ تجبُ نفقتُهُ في جميع أَسْهُمِ الزكاةِ وأصنافِها، وأنَّ مَنِ احتاجَ منهم فيُعطَى من أصلِ المالِ حقًّا بما يقضِي حاجَتَهُ.
وبعدَ اتِّفاقِهم في منعِ الزكاةِ نفقةً للوالدَيْنِ والأولادِ، اختلَفُوا فيمَن علا مِنَ الوالدَيْنِ؛ كالجَدِّ والجَدَّةِ، ومَن نزَلَ مِن الأولادِ كوَلَدِ الوَلَدِ، على قولَيْنِ:
الأولُ: قالوا: إنَّ حُكْمَ الأجدادِ كحُكْمِ الآباءِ، وحُكْمَ الأحفادِ كحُكْمِ الأولادِ؛ وهذا قولُ الحنابلةِ والحنفيَّةِ وجماعةٍ مِن فقهاءِ الشافعيَّةِ.
الثاني: قالوا: إنَّ النفقةَ تجبُ للوالدَيْنِ دونَ الجَدَّيْنِ، وللأولادِ دونَ الأحفادِ؛ فيجوزُ دفعُ الزكاةِ للجَدِّ ووَلَدِ الوَلَدِ.
واختلَفوا في غيرِ الوالدَيْنِ والأولادِ في النفقةِ عليهم مِن الزكاةِ:
وعامَّةُ السلفِ: على جوازِها، وفي غيرِ النفقةِ مِن بابِ أَوْلَى؛ كالجهادِ والغُرْمِ والمُكاتَبةِ: أنَّها تُعطَى الحَوَاشِيَ - وهم الإخوةُ والأعمامُ والأخوالُ - من الزكاةِ؛ وذلك لقولِه ﷺ: (الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute