للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونافعٌ روى عن ابنِ عمرَ هذا السياقَ في تفسيرِ الآيةِ، لا رأيًا مستقلًّا في الفقهِ والفتوى، وكلُّ مَن رواه عنه رواهُ في هذه الآيةِ لا في غيرِها، وكلُّ ما جاء عن ابنِ عمرَ في الرواياتِ: أنَّه قال في إتيانِ المرأةِ مِن دُبُرِها في غيرِ هذه الآيةِ، فلا يثبُتُ منها شيءٌ، إلا ما رواهُ النَّسَائيُّ عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسمِ؛ قال: "قلتُ لمالكٍ: إنَّ عندَنا بمِصْرَ اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ يحدِّثُ عن الحارثِ بنِ يعقوبَ، عن سعيدِ بنِ يسارٍ؛ قال: قلتُ لابنِ عمرَ: إنَّا نشترِي الجواريَ، فنُحَمِّضُ لَهُنَّ، قال: وما التحميضُ؟ قال: نَأْتِيهِنَّ في أدبارِهِنَّ، قال: أُفّ! أَوَ يَعْمَلُ هذا مسلِمٌ؟ ! فقال لي مالكٌ: فأَشهَدُ على ربيعةَ لَحَدَّثَنِي عن سعيدِ بنِ يسارٍ؛ أنَّه سأَلَ ابنَ عُمَرَ عنه؟ فقال: لا بأسَ به" (١).

وهو صحيحٌ عن ابنِ عمرَ بلفظَيْهِ، وحَمْلُهُ على قولِ الجماعةِ وفتواهُمْ وتفسيرِهِمْ أَوْجَهُ وأَسْلَمُ وأَقْوَمُ.

ورواهُ سالمٌ وعبيدُ اللهِ أبناءُ ابنِ عمرَ عن أبِيهم، وروايتُهم معلولةٌ.

وقد جاء عن نافعٍ - وعنه عن ابنِ عمرَ - المعنى الموافقُ لتفسيرِ السلفِ للآيةِ، كما رواهُ النَّسَائيُّ في "الكُبْرى"، عن عبدِ اللهِ بنِ سُلَيْمانَ الطويلِ، عن كَعْبِ بنِ عَلْقَمةَ، عن أبي النَّضْرِ؛ أنَّه قال لنافعٍ مَوْلَى ابنِ عمرَ: قد أَكْثَرَ عليك القولَ أنَّك تقولُ عن ابنِ عمرَ أنَّه أَفْتَى بأنْ يُؤتَى النساءُ في أدبارِهِنَّ! قال نافعٌ: لقد كَذَبُوا عَلَيَّ! ولكنْ سأُخبِرُك كيف كان الأمرُ: إنَّ ابنَ عمَرَ عَرَضَ عليَّ المُصْحَفَ يومًا، وأنا عندَهُ حتى بلَغَ: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾، قال: يا نافعُ، هل تَعْلَمُ ما أمرُ هذه الآيةِ؟ إنَّا كنَّا معشرَ قريشٍ نُجَبِّي النساءَ، فلمَّا دخَلْنا المدينةَ ونَكَحْنا نساءَ الأنصارِ أَرَدْنا مِنْهُنَّ ما كنَّا نُرِيدُ مِن نسائِنا؛ فإذا هُنَّ قد كَرِهْنَ ذلك وأَعْظَمْنَهُ، وكان


(١) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (٨٩٣٠) (٨/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>