للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ أمَرَ اللهُ بتَقْوَاهُ، وخَوَّفَ عبادَهُ نفسَهُ، ولمَّا كان الأمرُ يتعلَّقُ بالقلوبِ، وذلك عندَ قصدِ الزوجِ الإضرارَ بالزوجةِ, أو الاستهزاءَ بآياتِ اللهِ، وعدمَ الجِدِّ، ذكَّرَهُمْ بسَعَةِ علمِهِ واطِّلاعِهِ على كلِّ شيءٍ ممَّا يُخْفُونَ وممَّا يُعلِنونَ.

وكذلك: فاللهُ يَقضِي بينَكُمْ ويفصِّلُ لكَم الحدودَ، عن علمٍ تامٍّ، وحكمةٍ بالغةٍ، فيجب التسليمُ له والانقيادُ لأمرِه.

* * *

قال تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٢].

نهى اللهُ عنِ الإضرارِ بالمرأةِ حالَ عِصْمَتِها في زوجِها، فيُمسِكُها ضرارًا بِها، ثُمَّ نهى عنِ الإضرارِ بها بعد أَجَلِها، فتُعضَلُ عنِ الزواجِ؛ سواءٌ بالرجوعِ إلى زَوْجِها الأوَّلِ رجوعًا مشروعًا، أو إلى زوجٍ آخرَ.

والخطابُ في الآيةِ السابقةِ للأزواجِ، وفي هذه الآيةِ للأولياءِ بالاتفاقِ، وبلوغُ الأجلِ في الآيةِ السابقةِ قربُ انقضائِهِ وفي هذه الآيةِ انقضاؤُه بالاتفاقِ.

والآيةُ نزَلَتْ في مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ؛ إذْ هو وليُّ أُختِهِ، فعَضَلها عن زوجِها، وهي في كلِّ ولِيٍّ مِن بعدِه، لقد روي البخاريُّ في "صحيحِه"؛ مِن حديثِ الحَسَنِ في قولِهِ تعالى: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾، قال: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بنُ يَسَارٍ أَنَّهَا نَزَلَت فِيهِ؛ قَالَ: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ، فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>