للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جوازِ الادِّخارِ في البيوتِ ممّا يَفِيضُ على الحاجةِ لشهرٍ أو شهورٍ أو أعوامٍ؛ فعيسى أَخبَرَهم ولم ينْهَهُم، وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يدَّخِرُ قُوتَ سَنَةٍ؛ كما في "صحيح مسلمٍ" (١)؛ مِن حديثٍ جابرٍ، وعيسى لم يَنهَهُم عن الادِّخارِ؛ وإنَّما أَخبَرَهم به.

وفي "الصحيحينِ"، عن عمرَ - رضي الله عنه -، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَبِيعُ نخلَ بَني النضيرِ، وَيحبِسُ لأهلِه قُوتَ سَنَتِهم (٢).

وكان الصحابةُ يَدَّخِرونَ قُوتَ سَنَتِهم مِن التمرِ! لأنَّه أطولُ الثمرِ بقاءً إلى الحَوْلِ؛ ولذا أَرْخَصَ لهم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في العَرَايَا؛ أنْ يشْتَرُوا الرُّطَبَ بما فضَلَ مِن قُوتِ سنتِهم مِن التمرِ؛ كما رواهُ محمودُ بن لبيدٍ - رضي الله عنه - (٣).

ولا خلافَ في جوازِ الادِّخارِ، ما لم يُضِرَّ بالناسِ، فيدَّخِرُ في بيتِه طعامَ سَنَةٍ، ولا يجدُ الناسُ طعامَ يومِهم أو شهرِهم.

وأمَّا ما رواهُ الترمذيُّ، عن أنسٍ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدَّخِرُ شيئًا لغدٍ (٤).

فرُوِيَ مِن حديثِ جعفرِ بنِ محمدٍ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، ورواهُ مرسلًا مِن غيرِ ذِكرِ أنسٍ؛ وهو الصوابُ.

وجاء بنحوِه مِن حديثِ هلالِ بنِ سُوَيْدٍ عن أنسٍ؛ وهو ضعيفٌ.

وفيه: أنَّ كشْفَ تلك المدَّخَراتِ ليس مما يُعابُ أو يُستَرُ، فمَن أخبَرَ به وتحدَّثَ عنه، لم يَكشِفْ سترًا إذا قصَدَ مِن ذلك حقًّا، لا حسدًا أو شماتةً وتنقُّصًا وتعييرًا.


(١) أخرجه مسلم (٢٠٨٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٥٧) (٧/ ٦٣)، ومسلم (١٧٥٧) (٣/ ١٣٧٩).
(٣) "الأم" (٣/ ٥٤).
(٤) أخرجه الترمذي (٢٣٦٢) (٤/ ٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>