عليهنَّ لهنَّ الثلُثان، ويُحكى خلافُ هذا بسندٍ لا يَثْبُتُ عن ابنِ عبَّاسٍ في البنتَيْن، قال: إنَّ الاثنتَينِ كالواحدةِ، لا كالثلاثِ وما زاد، وإنَّ الثلُثَيْنِ لما زاد على اثنتَيْنِ؛ لظاهِرِ الآيةِ في قوله: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾.
وهو قولٌ لا يُعلَمُ مَن قال به من الصحابة، وقال بشذودِه وعدمِ صحَّتِه بعضُ العلماء، كابنِ عبدِ البَرِّ وغيرِه (١).
وأمَّا القولُ بأنَّ أقَلَّ الجمعِ ثلاثةٌ، فهذا مِن مسائلِ الخلافِ، والأخذُ بأحدِ القولَيْنِ مِن مواضِعِ الاجتهاد، ولكنْ في غيرِ مواضِعِ الإجماع، وفي غيرِ ما دَلَّ الدليلُ على خلافِه، كما في مسألةِ البنتَيْنِ والإخوةِ مع الأمِّ في قولِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾، فعلى القولِ بأنَّ أقَلَّ الجمع ثلاثةٌ، لا يَحْجُبُ الأمَّ مِن الثلُثِ إلى السدُسِ إلا ثلاثةٌ مِن الإخوةِ فما زاد؛ لأنَّه أقلُّ الجمعِ.
وقد يقولُ بعضُ الأئمَّةِ: إنَّ أقَلَّ الجمعِ ثلاثةٌ، في أصلِه، ويقولونَ بخلافِهِ في التنزيلِ؛ لأدلَّةِ خاصَّةٍ؛ كالحنابلةِ: يقولونَ بأنَّ أقلَّ الجمعِ ثلاثةٌ، ويرَوْنَ أنَّ جماعةَ الصلاةِ تَنعقِدُ باثنَيْنِ.
والقولُ بأنَّ أقلَّ الجمع ثلاثةٌ هو قول الجمهور، خلافًا للمالكيَّةِ والظاهريَّةِ الذين يرَوْنَ أنَّ أقلَّ الجمعِ اثنانِ.
واللهُ ذَكَرَ الإخوةَ في الآية، ولم يذكُرِ الأخَ الواحدَ، بخلافِ فَرْضِهِ في البنتِ؛ فاللهُ ذَكَرَ البناتِ ثم ذكَرَ البنتَ الواحدةَ؛ وهذا دليلٌ على أنَّ الواحدةَ خاصَّةٌ بحُكْمٍ لا يُشارِكُها الاثنتانِ والثلاث.