للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقُّ ما عليه عامَّةُ العلماءِ؛ فإنَّ قولَه: ﴿فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾؛ يعني: اثنتَيْنِ وزيادةً، فقولُه: ﴿فَوْقَ﴾ صلةٌ وزيادةٌ، كما في قولهِ تعالى: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ﴾ [الأنفال: ١٢]؛ أي: الأعناقَ وما عَلَاهَا منها.

وبهذا جاء الحديثُ؛ كما في "المُسنَدِ"، و"السنن"؛ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ محمَّدِ بنِ عَقِيلٍ، عن جابرٍ؛ أنَّ النبيَّ أَعْطَى البِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ (١).

وقد ثبَتَ عن ابنِ عبَّاسٍ ما يُوافِقُ فيه عامَّةَ العلماءِ؛ كما رواهُ الزهريُّ، عن عبيدِ اللهِ بنِ عبدِ الله، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ أنَّ للبنتَيْنِ الثلُثَيْنِ (٢).

وهذا يدُلُّ على نكار ما يُحكَى عنه بأنَّ البنتَينِ تأخُذَانِ النصفَ كالبنتِ.

واللهُ تعالى قال: ﴿فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾؛ لبيانِ المُفارَقةِ بينَ الوارِثةِ الأُنثى الواحدةِ وغيرِها، فلو كان الإرثُ على هذا القولِ الشاذِّ، فيكونُ للواحدةِ النصفُ، وللثلاثِ الثلُثان، وتبقَى الاثنتانِ مِن غيرِ بيانٍ، وهذا غيرُ واردٍ في القرآنِ، فلا يُمكِنُ أنْ تُوصَفَ الاثنتانِ بدخُولِهما في قوله: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾؛ للإجماعِ في اللُّغةِ والشرعِ على عدمِ صحَّةِ ذلك ولا جوازِه؛ فدخولُ الاثنتَيْنِ في حُكمِ الثلاثِ أَوْلى مِن دخولِه في حُكمِ الواحدةِ في اللغةِ والشرعِ؛ وهذا دليلٌ على أنَّ حُكْمَ النصفِ خاصٌّ بالواحدة، لا بالاثنتَيْن، وأنَّ قولَه: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾؛ يعني: مَن خرَجَ عن الواحدةِ اثنتَيْن وزيادةَ فلهما الثلُثانِ.

وذكَرَ تعالى: ﴿فَوْقَ﴾؛ حتى لا يُظَنَّ أنَّ الحُكْمَ خاصٌّ بالاثنتَيْنِ؛ فيُحتاجَ إلى البيانِ الجديدِ فيما زادَ على ذلك.


(١) أخرجه أحمد (١٤٧٩٨) (٣/ ٣٥٢)، وأبو داود (٢٨٩١) (٣/ ١٢٠)، والترمذي (٢٠٩٢) (٤/ ٤١٤).
(٢) "الاستذكار" (١٥/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>