على إطلاقِه، والآيةُ مِن أولِ السورةِ لبيانِ ما يَحِلُّ وَيحرُمُ مِن نِكاحِ النِّساءِ والعقدِ عليهنَّ, وهذا يظهَرُ في مواضِعَ مِن هذه الآياتِ:
الأولُ: قولُه تعالى في أولِ السورِة: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]، وقولُه: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾، والنكاحُ إذا أُطلِقَ في الشريعةِ فيُرادُ به العقدُ؛ كما في قولِه تعالى: ﴿إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩]، فلا يقعُ الطلاقُ إلا بعدَ عقدٍ.
والنِّكاحُ إذا أُطلِقَ في القرآنِ؛ كقولِهِ: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢]؛ يعني: زوِّجُوهم، وقولِهِ: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢١]؛ يعني: لا تتزوَّجُوهُنَّ، فذكَرَ القيدَ (الإيمانَ)، وزِنى المُشرِكةِ والمؤمِنةِ محرَّمٌ لا فرقَ بينَهما، إلا أنَّ المؤمنةَ أشَدُّ إحصانًا وعِرْضًا وعِفَّةً، فهي أشَدُّ تحريمًا، ومنه قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]؛ يعني: تتزوَّج بل ويَدخُلُ عليها.
ومنه قولُه: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣]، يعني: تزوَّجُوا.
الثاني: أنَّ اللهَ ذكَرَ المحرَّماتِ بعدَ ذلك؛ فقال: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، وهذا تحريمٌ للزَّواجِ منهنَّ والعقدِ عليهنَّ.
فالزِّنى لا تقولُ العربُ حتى في الجاهليَّةِ بحِلِّه بِهِنَّ، فالآياتُ في سباقِ تحريمِ النِّكاح، لا وطءِ الزِّنى.
الثالث: أنَّ اللهَ قال في المحرَّماتِ بعدَ ذلك: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، وَصَفَهُنَّ بالحلائلِ؛ يعني: ما أحَلَّهُ اللهُ لهم، ولا تَحِلُّ المرأةُ إلا بعقدٍ صحيحٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute