للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْنَ بَعَثَكَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: بَعَثَني إلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيه، فَأَمَرَني أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ" (١).

ورواهُ أهل السُّننِ من طرقٍ وألفاظٍ مُتقاربةٍ (٢).

وخلافُ العلماء في التعاقد على المحرّم هل يكون دليلًا صريحًا على الاستحلال أو لا؟ وأمَّا الاستحلال للمحرَّم القطعيِّ، فلا خلاف في كونه كفرًا.

والصحيحُ كما سبق: أنَّ من سنَّ العقود للناس وشرعها ليفعلوا، فهو مستحِلٌّ للفعْل، وهذا في الحُكَّام والنظم والقوانين والحكومات، والقرينة فيه مشرِّعًا أصرحُ من المتعاقدين، فالمشرِّعُ للعقود وسنِّ الأنظمةِ التي يصلُ بها المتعاقدون للمُحرَّم - البيِّنَة عليه في استحلاله للمُحرَّم أظهر وأقوى - فيأخذ حكم المستحلِّ بالكفر؛ لأن المتعاقدين تختلف مقاصدهم بين مستحِلٍّ وغير مستحِلٍّ، فهو قد شرَّع للجميع مع اليقين بوجود من يتعاقدُ منهم استحلالًا.

والمتعاقدان قد يتعاقدان على مُحرَّمٍ شهوةً؛ من مالٍ كالرِّبا، أو مطعمٍ كالخمرِ، فلا يحصُلُ لهما إلا بعقدٍ؛ كمن يتعاقد مع بائعٍ على بيع ربًا، أو غَرَرٍ، أو شراء خمرٍ، وهو يعلم؛ لأنَّه لا يجدُ ما يُمضي به الصفقة إلا بعقدها، فهذا لا يكفُر، وهو آثمٌ، ومثله من عقد على ذاتِ محْرمٍ يُريد الزِّنى بها، فلم يصل إلى مواقعتها وقضاء شهوته منها إلا بالعقد عليها؛ فهذا يقام عليه حدُّ الزِّنى، ولا يكفُر، وإذا قامت البيِّنةُ على من عقد على ذاتِ مَحْرَمٍ: أنَّه فعله لا لقضاءِ شهوة المواقعة، بل للبقاء والولادة منها، ولو أرادها زنًى من غير عقدٍ، وجدَها، فهذا مستحِلٌّ، وعليه يُحملُ حديث


(١) أخرجه أحمد (١٨٥٧٩) (٤/ ٢٩٢).
(٢) أخرجه الترمذي (١٣٦٢) (٣/ ٦٣٥)، والنسائي (٣٣٣١) (٦/ ١٠٩)، وابن ماجه (٢٦٠٧) (٢/ ٨٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>