أَجْرٍ أو غنِيمَةٍ)، وهو ظاهرٌ في أن الغنيمةَ لا تُلغِي الأجرَ؛ ولكن قد تُضعِفُهُ، وقد لا تُؤثِّرُ فيه عندَ الكُمَّلِ والأصفِياء والصِّدِّيقِينَ.
فالغنيمةُ إن كانت هي الدافِعةَ على القتال، أثَّرَتِ النيةُ في أصلِ العمل، ولكن لو كان الرجلُ محبًّا للقتالِ في سبيلِ الله، ويرغب في الغزو، لكنَّه فقيرٌ منشغلٌ بمؤنَةِ أهلِه، فوجَدَ مَن يَكفِيهِ مؤنتهُ ومؤنةَ أهلِه، فذهبَ مجاهِدًا، لم يكن ذلك مؤثِّرًا في جهادِه، ويَبقى مقدارُ نقصانِ أجرِهِ بمقدارِ ما تعلقَ مِن الدنيا بقلبِهِ.
ولذا قال الإمامُ أحمدُ:"التاجرُ والمستأجِرُ والمُكَارِي أجرهم على قدرِ ما يخلُصُ مِن نيَّتِهم في غزواتِهم، ولا يكونُ مِثلَ مَن جاهَدَ بنفسِهِ ومالِهِ لا يَخلِط به غيرَه".
وكذا رُوِيَ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو؛ قال:"إذا جَمَعَ أحدُكُم على الغزوِ، فعوَّضَهُ الله رزقًا، فلا بأسَ بذلك، وأما إنْ أحدُكم إن أعطِيَ دِرهمًا غزَا، وإن مُنِعَ دِرهمًا مَكَثَ، فلا خيرَ في ذلك".
وبنحوِ هذا قال الأوزاعيُّ وغيرُه (١).
وفي الآيةِ تكرَّرَ ذِكرُ ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ تأكيدًا على الإخلاصِ والصدقِ في النيةِ مع الله.