للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التربية الإسلامية وأهميتها للأمة]

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد: فإن التربية الإسلامية ربانية المصدر، عالمية الشمول، ثابتة الأصول، مرنة التطبيق، تشمل ميادين الحياة الدنيا وكذلك الحياة الآخرة في توازن واعتدال، فهي تُعد الإنسان لعبادة الله تبارك وتعالى حق عبادته، وعمارة الأرض وخلافتها، وفق منهج رضيه الله لعباده، واختاره لهم، تلك التربية التي تؤصل العقيدة في النفوس، وترسخ الإيمان في القلوب، وتحبب شرع الله عز وجل إلى عباد الله.

إلا أن الأمة الإسلامية لما بدأت تتطفل على غير المصادر الإسلامية، أو تطلب الخير من غير ما أنزل الله سبحانه وتعالى، وابتعدت عما أوحاه الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم؛ انهمكت في تقليد ومحاكاة الأمم الكافرة، فبقدر ما عبت ونهلت من هذه المنابع الأجنبية بقدر ما حصل من الخلل في التربية الإسلامية، والفكر التربوي الإسلامي.

وهذا الأمر انعكس بلا شك في العمليات التربوية، ونرى آثاره واضحة في بعض المؤسسات التربوية في العلاقة بين المعلمين والمتعلمين، حيث نرى عدم التوافق وعدم الانسجام، نرى عدم الاحترام، نرى أن الصغير لا يحترم الكبير، وأن الكبير لا يرفق ولا يرحم الصغير، فصارت التربية في مجتمعنا -خاصة في هذا الزمان- تسير باتجاه مخالف لذلك الاتجاه الذي كان عليه سلف الأمة الصالحون، فالتربية صارت عديمة الجذور، تنزوي بسرعة، وتجتاحها أخف الرياح وأقل الأمطار، مثل البناء المقام على أرضية رخوة ينهار لأدنى عامل مضاد؛ وذلك لأن المناهج التربوية الغربية في قسم كبير منها غير موصولة بخالق هذا الإنسان الذي قال سبحانه وتعالى عنه: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤]، فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلق هذا الإنسان، وهو الذي يعلم ما يصلحه وما يفسده كي يجتنبه، فإذا طالعنا الصحف كم نرى من الأخبار المؤذية والسيئة التي تعكس انهيار الجانب التربوي في المجتمع حوادث مؤسفة يصل فيها الأمر إلى اعتداء الابن على أبويه، أو قتل الأب لابنه، أو مدرس يضربه التلاميذ إلخ، ونحو ذلك من الحوادث الأليمة المؤسفة، وما ذاك إلا لبعدنا عن هدي منهجه صلى الله عليه وسلم الذي هو خير الهدي، وبسبب بعدنا عن الاستفادة منه في معالجة تجاوزات الطلاب.