للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم إعفاء اللحية وأدلة ذلك]

الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من أضاع أمره وعصاه، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الذين كان هواهم تبعاً لهداه.

أما بعد: فإن من عادة الناس أنهم إذا تهيئوا لخطر فإنهم يستعدون له، ويأخذون له عدته ويتأهبون لمواجهته، فمثلاً: من أصابه سم أو لدغته عقرب أو حية فإنه يسارع إلى تناول ما يضاد هذا السم؛ كي يتلافى خطره، والناس في حالة الحروب إذا خشوا القذائف الكيماوية فإنهم يتأهبون بالأقنعة الواقية ضد هذه الغازات السامة وغير ذلك، ونحن في هذه الأيام نعيش في جو أشد تسمماً، فنحن نعيش في المحنة التي يمر بها الإسلام، والحملة الشيطانية الخبيثة التي تستهدف صد الناس عن دين ربهم تبارك وتعالى، والتي تطلق بين الحين والآخر قنابل الدخان كي يتم الزحف تحت هذه الستائر الدخانية، فإن كثيراً من الملاحدة والزنادقة الذين يخرجون من جحورهم في هذه المحن وفي ظل هذه الظروف الصعبة، ومن وراء هذا الشر؛ يتفوهون في وسط هذا الجو الملتهب بعبارات لا يمكن أبداً أن يجرءوا على أن ينطقوا بها في الجو العادي، لكن في وسط هذه الحملة المستعرة يستغلون ما يحصل من الفتن التي تجري في هذه الأيام، فهؤلاء من الملاحدة والزنادقة يسيرون بهذه السموم والشبهات، ويطعنون في الدين حتى صار الإسلام نفسه الآن في عرف القوم مرادفاً للإرهاب، وصار المسلمون هم الأصوليين والمتطرفين والإرهابيين فحسبهم الله ونعم الوكيل! ونحن دائماً محتاجون إلى أن نتسلح بالأدلة؛ حتى نكون على بصيرة من ديننا وعلى يقين مما نحن عليه من الحق بإذن الله تبارك وتعالى.

ومن القضايا التي نحتاج إلى تجديد العهد بها، خاصة وقد مر زمان طويل دون أن نتكلم فيها، هي قضية حكم إعفاء اللحية، وأدلة ذلك.

نحن نتعرض لكثير من الضغوط في هذه الأيام من كل جانب، من الحملات الإعلامية، من الأسر في البيوت، من الآباء خوفاً على أبنائهم، وربما يستجيب كثير من الناس تحت وطأة هذه الضغوط إلى هذا الأمر، فيترخصون بدون عذر في مثل هذا الأمر.

إن قضية اللحية في الحقيقة ليست مجرد شعيرات، لكن اللحية هي شعيرة من شعائر الإسلام، وسوف نرى من خلال الأدلة التي نبسطها اليوم إن شاء الله تعالى باختصار أن هذه القضية ليست بالسهولة التي يتخيلها كثير من الناس بأنها مجرد شعيرات، وقد يتفلسف بعضهم فيقول: المهم مراعاة الشعور وليس تربية الشعور، وما إلى ذلك من العبارات المنمقة، التي يصدون بها الناس عن حكم الله تبارك وتعالى في هذه المسألة، فعلى غرار ما تكلمنا من قبل بشيء في موضوع الحجاب تحت عنوان: الحجاب لماذا؟ كذلك أيضا ًنتناول هذه القضية على نفس هذا الغرار: اللحية لماذا؟ أو لماذا نعفي لحانا؟