للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان المصالح والمفاسد الواقعة في الحادثة]

والمفاسد التي ذكروها هي أن هذا يثير الاحتكاكات الطائفية بين الهندوس والمسلمين، سواء في سيرلانكا أو الهند أو الصين أو تايلاند أو غيرها، وبعدما تم تأليب الغربيين علينا يبدأ تأليب الشرق كله على المسلمين، وأن ذلك يؤدي لإهانة المصحف الشريف، كما حصل في بعض التظاهرات أن هؤلاء البوذيين أحرقوا المصحف الشريف لعنهم الله.

ومن أضراره تحويل الأنظار عن الانتفاضة في الأقصى، أو تشويه سمعة الإسلام عالمياً، أو ترسيخ الحصار الظالم ضد الطالبان من جديد وعزلها عن المحيط الإسلامي والدولي، فهذا الكلام في المفاسد.

أما الكلام الآخر الذي هو التراث البشري والإنساني فقد وضحنا الموقف منه.

أما المصالح فأعظم مصلحة على الإطلاق هي الدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، والذين يقولون: إن هذه الأفعال يمكن أن يكون فيها تشويه لسمعة الإسلام فذلك في حق المغفلين أو الجهلة، أما إنسان عنده بصيص من النور أو الفطرة فشأنه هو العكس، إذ هذه الأمور يمكن أن تكون بوابة يدخل منها إلى الإسلام ليسمع، فمن الممكن أن يكون هناك نوع من المصلحة، خاصة في حق الذين يعبدون هذه الأصنام؛ إذ يرد السؤال حينها: لماذا لم يدافع بوذا عن نفسه؟ فيمكن أن يثوب بعض هؤلاء البوذيين إلى رشدهم عندما يرون معبودهم تحول إلى أنقاض، فيعلمون أنه حجارة لا تضر ولا تنفع، بدليل أنه بقي صامتاً جامداً لا يدافع عن نفسه، فيبحثون عن الإله الحق النافع الضار الحي الذي لا يموت.

يمكن أن يكون ذلك فعلاً؛ لأن البشرية الآن مسوقة كالقطيع، فكل الذي تريده أمريكا هو الذي يؤمل فيه، فكأن البشرية كانت بحاجة إلى منبه يوقظها من غفلتها، وذلك أشبه ما يكون بالعلاج بالصدمات الكهربائية، لكي يفيق الناس قليلاً، فالناس الغارقون في هذه الوثنية الماشون وراء الغرب ينظرون إلى كل شيء بعين أمريكا وبميزان أمريكا وبميزان الغرب، فيعلمون بذلك أن الغرب ليس قدوة ولا يصلح أن يكون قدوة، والغرب ما عرف الإنصاف أو العدل.

وأعتقد أن الطالبان قد رأوا أنهم ممكنون، والله سبحانه وتعالى يقول: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج:٤١]، فما داموا ممكنين في بلادهم -إذ عندهم تسعون في المائة من مساحة أفغانستان- فما الذي يمنعهم من أن يهدموا الصنم، خاصة أنهم في كل الحالات ليسوا مرضياً عنهم، فأمريكا لو كانت تقدر على أذيتهم بأكثر مما فعلت آذتهم، ولكن قد بلغت الغاية التي تستطيعها.

فهذه البلد حطمت أولاً -أو أريد تدميرها- خلال الحكم الشيوعي، ثم بعد ذلك العالم الغربي الذي كان يعدهم أيام الحرب مع الاتحاد السوفياتي الشيوعي قلب الكفة عليهم، فليست هناك خسارة أكثر مما حصل، فيمكن أن تكون وجهة نظرهم أنهم ممكنون وفي بلدهم، وهذه أمور داخلية، وليس لأحد حق في أن يتدخل في الشئون الداخلية، فربما كانت هذه بعض الأشياء التي استندوا إليها، والله تعالى أعلم.

فالمسلمون إذا كانوا في حالة ضعف لا يستطيعون إزالة هذه الأصنام، أو كان يترتب على إزالتها سب لله وسب للرسول عليه الصلاة والسلام ونحو ذلك من الشركيات، فإنه يدخل هذا في باب المصلحة.

فقاعدة المصالح والمفاسد معروفة في الشريعة فلا نطيل في تفصيلها.