أخيراً نقف قليلاً مع طالبان، وإن كان عندنا مشكلة، وهي أن الاستيثاق صعب جداً؛ لأن المصادر الموثقة التي يمكن أن نتلقى منها معلومات موثقة أمرها صعب جداً، خاصة أن طالبان معزولة، ويبدو أنهم عزلوا أنفسهم عن العالم أكثر، فوسائل التعرف على حقيقة موقفهم في الحقيقة أمر صعب جداً، ولذلك فالإنسان دائماً يشك في الكلام الكثير والدندنة على موضوع تعليم النساء وأنه حرام عند طالبان، ومن الصعب أن يصدق؛ لأن المتكلمين يدعون أن الإسلام يحرم تعليم المرأة، وهذا غير صحيح، ومن المؤكد أنهم وضعوا للأمر ضوابط، وفيها كلام كثير، والقرضاوي قد ناقش هذه المسألة بالتفصيل، وليس هنا مكانها، ونحن ليست قضيتنا أن ندافع عن طالبان؛ لأن معلوماتنا غير ميسرة، وعلى أقل تقدير فمن الأمور الواضحة أنهم في ذلك ينطلقون من منطلق شرعي.
وفي نفس الوقت نقول: إن موضوع العدوان على التراث البشري وغير ذلك من الكلام الذي لا يساوي شيئاً ليس المعني فيه الطالبان وحدها، وليس هناك داع للكيل بمائة مكيال بالنسبة للمسلمين، لكن أين كانت الأمم المتحدة وأين كانت الوفود، وأين كان هذا الاستنصار الذي حصل من أجل صنمين، ذلك الاستنصار الذي استفز قسيساً حتى قال: لماذا تقدسون الحجر ولا تقدسون البشر؟ كان يقول لهم: أنتم تقدسون الحجر وتقدسون البقر ولا تقدسون البشر! فهذا كلام قسيس، يعني: والبشر لا يقدس.
وأقول: كل هذه الحمية والغيرة والوفود والبركان الجاهلي الثائر أين كانت عندما هدم الهندوس المسجد البابري في الهند بحجة أنه بني على أنقاض مسقط رأس إلهي مرام؟ وقالوا: هذا إلهنا ولد في المكان الذي بني فيه المسجد؟! فانظر إلى الوثنية والعقول التافهة؟! علماً أن زعيم الهندوس الذي تزعم حركة تدمير المسجد أسلم، وأعلن أنه راغب في أن يكفر عن كل ما مضى منه في حق الإسلام أو في حق بيت الله سبحانه وتعالى، فهذه آية من آيات الله عز وجل، والإسلام دائماً يأتي بالبشائر.