إن التربية هي وسيلة التغيير الأساسية؛ لأن الوسائل الأخرى لإحداث التغيير في المجتمعات إنما تتعامل فقط مع أمور نظرية بصفة أساسية، أعني التغيير الاجتماعي أو العسكري أو الثورة الاجتماعية، إنما تتعامل مع أمور ظاهرية، أما النصوص فلا تتغير بهذه الأساليب، النصوص لا تتغير إلا عن طريق التربية، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونحن حينما نخاطب بهذا المستوى من الأعمار أعمار شباب الصحوة الإسلامية فمن الخطأ أن نقول: نحن نحتاج إلى تربية مع التعاون مع مثل هذا السن فمما يؤسف له أننا بحاجة إلى إعادة تربية الشباب الذي ينتقل من مرحلة عدم الالتزام بالدين إلى الالتزام بالدين، فهو بالفعل قد ربي طبقاً لما نشأ عليه منذ الصغر في بيته، ثم في المدرسة، ثم في الجامعة، ثم في اختلاطه بالمجتمع.
فنحن الآن -فيما يتعلق بالكبار- نحتاج إلى إعادة تربيتهم من جديد، نحتاج أولاً إلى هدم ركام الأفكار المضادة المستقرة منذ فترة، ثم إعادة بناء الشخصية وفق المنهج الرباني كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تصفية العقيدة والقيم والمفاهيم، وبالتالي يتغير السلوك، ثم تأتي الابتلاءات والمحن التي هي سنة كونية من الله سبحانه وتعالى، فيصلب عود المرء ويثبت أمره على دينه ويشغل بذلك، لكننا لا نريد أن نغفل هذا الأمر، وصحيح أننا ننشغل الآن كثيراً بطلب العلم، وبأمور الدعوة، ولكن في الحقيقة ينبغي أن يكون نظرنا إلى الأساس أكثر، أن نعطي الأمور أولوياتها التي تستحقها، ولا ينبغي أن ننظر إلى هذا نظرة احتقار أو ازدراء، أو أن هذا الكلام مثل الواجب في التربية الوطنية، أو التربية القومية، أو كلام صحف، إنما نقول: الأطفال هم المستقبل، وهذه الحقيقة.
لقد كنا في يوم من الأيام أطفالاً، وأي إنسان أدى دوراً من الأدوار فقد كان طفلاً، وظهر حسب التربية فيما بعد، كما هو معلوم أن المستقبل الحقيقي للدعوة والأمة الإسلامية إنما يصنعه هؤلاء الأطفال إن أحسنا تربيتهم من الآن.