والشعراء كان لهم موقف، فهذا الشاعر محرم كان له قصيدة جميلة جداً يقول فيها: أغرك يا أسماء ما ظن قاسم أقيمي وراء الخدر فالمرء واهم تضيقين ذرعاً بالحجاب وما به سوى ما جلت تلك الرؤى والمزاعم سلام على الأخلاق في الشرق كله إذا ما استبيحت في الخدور الكرائم قاسم لا تقذف بجيشك تبتغي بقومك والإسلام ما الله عالم لنا من بناء الأولين بقية تلوذ بها أعراضنا والمحارم أسائل نفسي إذ دلفت تريدها أأنت من البانين أم أنت هادم؟ ولولا اللواتي أنت تبكي مصابها لما قام للأخلاق في مصر قائم نبذت إلينا بالكتاب -كتاب"تحرير المرأة".
نبذت إلينا بالكتاب كأنما صحائفه مما حملن ملاحم ففي كل سطر منه حتف مفاجئ وفي كل حرف منه جيش مهاجم إلى أن يقول رداً عليه: لنا في كتاب الله مجد مؤثل وملك على الحدثان والدهر دائم إذا نحن شئنا زلزل الأرض نابنا ودانت لنا أقطارها والعواصم هممنا بربات الحدالي نريدها أقطيع ترعى العيش وهي سوائم وإن امرأً يلقي بليل نعاجه إلى حيث تستن الذئاب لظالم وكل حياة تثلم العرض سبة ولا كحياة جللتها المآثم أتأتي الثنايا الغر والطرر العلا بما عجزت عنه اللحى والعمائم فلا ارتفعت سفل الجواء بصاعد إذا حلقت فوق النسور الحمائم عفا الله عن قوم تمادت ظنونهم.
يعني الذين يحسون الظن بـ قاسم أمين.
عفا الله عن قوم تمادت ظنونهم فلا النهج مأمون ولا الرأي حازم ألا إن بالإسلام داءً مخامراً وإن كتاب الله للداء حاسم.
وهذا الشاعر جواد الشبيبي أيضاً رد مستنكراً هذه الدعوة الآثمة يقول: منع السفور كتابنا ونبينا فاستنطق الآثار والآيات تلك الوجوه هي الرياض بها ازدهت للناظرين شقائق الوجنات كانت تكتم في البراقع خفية من أن تمس حصانة الخطرات واليوم فتحها الصبا فتساقطت بعواصف الألحاظ والقبلات صوني جمالك بالبراقع إنها ستر الحسان ومظهر الحسنات ويقول الشاعر أيضاً: أولم يروا أن الفتاة بطبعها كالماء لم يحفظ بغير إناء من يكفل الفتيات بعد ظهورها مما يجيش بخاطر السفهاء ومن الذي ينهى الفتى بشبابه عن خدع كل خريدة حسناء نص الكتاب على الحجاب ولم يبح للمسلمين تبرج العذراء ماذا يريبك من حجاب ساتر ميز المهاة وطلعة الزلفاء ماذا يريبك من إزار مانع وزر الفؤاد وظلة الأهواء ما في الحجاب سوى الحياء فهل من التهذيب أن يهتكن ستر حياء هل في مجالسة الفتاة سوى الهوى لو أصدقتك ضمائر الجلساء شيد مدارسهن وارفع مستوى أخلاقهن لصالح الأبناء أسفينة الوطن العزيز تبصري بالقعر لا يغررك سطح الماء ويقول أيضاً الشاعر حسيب علي حسيب شاعر سوداني -أيضاً- راداً على قاسم أمين بقوله: دعوا في خدرها ذات الدلال فقد أرهقتموها بالجدال رأيت شعورها الحساس مضنى على هذا الجمود عن المعالي تذوب وقد تناظرتم حياءًَ بفحش اللفظ أو هجر المقال ويعلو خدها خطر ينادي أيا للنساء من الرجال! زعمتم تعشقون لها صلاحاً فظني أن ذا عشق الجمال ومسألة السفور غدت قديماً لدى الكتاب مشكلة النضال وما أحد لها يدعو فماذا يريد الناس من قيل وقال أحباً في مناجاة الغواني ترى أم ذاك زهداً في المعالي بلى فالعلم عندهم كريم ولكن المتيم غير تالي دعوها فهي تؤلمها كثيراً سهام المصلحين بالاعتدال عجبت لحلمهم في كل خطب وإن ذكر البنات دعوا نزال أي أنه يتعجب ويقول: المصائب عندما تنزل بالأمة تكونون حلماء لا تحركون ساكناً، ولكن إذا جاءت دعوة تحرير المرأة وخروج المرأة وتبرجها دعوا نزال -أي: المعركة- كي يخوضوا فيها.