من خصائص السلفية أنها المنهج الوسط بين الفرق، كما أن الإسلام وسط بين الأديان؛ في كل قضية من قضايا العقيدة تجد السلفية وسط، في قضايا الكفر والإيمان هم وسط بين إفراط الخوارج وتفريط المرجئة، في مسألة القضاء والقدر هم وسط بين المرجئة وبين القدرية، وهكذا في عامة قضايا الإيمان نجد أن مذهب أهل السنة والجماعة ومذهب السلف وسط بين هؤلاء الفرق النارية، كما أن الإسلام وسط بين الأديان.
ومن هنا نضع تعريفاً للمتطرف؛ فالمتطرف: هو الذي يأخذ بأطراف الأمور، فيتطرف إلى الغلو أو الجفاء.
يقول الشاعر: كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت بها الحوادث حتى أصبحت طرفاً والخلاف في تعريف كلمة المتطرف ناشئ عن تحديد ما هو الوسط؟ نحن نقطع جزماً أن الوسطية والاعتدال هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الوسط، فكل من حاد عنه يمنةً أو يسرةً فهو متطرف، من حلق لحيته فهو متطرف؛ لأنه انحرف عن هديه عليه الصلاة والسلام، ومن صافح النساء فهو متطرف؛ لأنه خالف هدي النبي عليه الصلاة والسلام وأمره.
إذاً: المتطرف هو كل من ليس مسلماًَ من أهل السنة والجماعة، (كل من ليس مسلماً) يعني: كل يهودي أو نصراني أو مجوسي أو بوذي، كل من ليس مسلماً فهو متطرف، فلا تصدقوا ما تسمعونه في نشرات الأخبار: قام بعض المتطرفين اليهود بفعل كذا وكذا، فكل يهودي متطرف؛ لأنه ليس من الأمة الوسط الذين هم أهل الاعتدال.
كذلك: كل مسلم ليس من أهل السنة والجماعة فهو أيضاً متطرف من حيث بعده عن منهج السلف.
يقول تعالى:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[آل عمران:١٠٦] قال ابن عباس: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدع والافتراق، والآن كلما ازددت ارتباطاً بأصول السلف الصالح زاد حظك من وصف التطرف، فهذا هو التطرف عندهم! إن كان الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام تطرفاً فليشهد الثقلان بأني متطرف، إذا كان التمسك بالإسلام تطرفاً -قال تعالى:{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ}[الأعراف:١٧٠]- فنحن متطرفون قطعاً، لكن في الحقيقة المتطرف: هو من حاد عن الإسلام أو عن منهج أهل السنة والجماعة؛ لذلك كلما زاد ارتباطك بالأصول زاد قدر الأعداء، بعض الجماعات المتسيبة تفرح عندما يصفها بعض الصحفيين العلمانيين أو أعداء الإسلام بأنها جماعة معتدلة، وهذا الوصف منهم لا يشرف في الحقيقة، فيجب عليها أن تراجع منهجها، وتراجع أصولها، يغازلون هذا الجماعات بأنها معتدلة، فلماذا السلفيون -عندهم- متطرفون؟ لأنهم يتمسكون بالفهم الصحيح للإسلام.
السلفية هي دعوة العلم والبصيرة، موقف السلفية من العلم الصحيح مشهور، يهتمون بالتحقيق واتباع الدليل، وهذه القضايا كلها موقف السلفيين منها معروف ومشهور لا نفيض في ذكره.