أخيراً: نختم الكلام بالإشارة إلى أنه لن يعيد فلسطين ولن يحرر القدس من أيدي أعداء الله اليهود إلا المسلمون الذين يتمسكون بدينهم، ويجاهدون في سبيله.
وقد التقى بعض أبناء فلسطين بالشيخ محمد أمين الحسني رحمه الله فقالوا له: متى نعود إلى فلسطين؟ فقال للفلسطينيين: عودوا إلى الله تعودوا إلى فلسطين! فسخر السفهاء منهم من جواب المفتي، وراحوا يتساءلون: ما علاقة العودة إلى الله بالعودة إلى فلسطين؟ وهل أخرجنا من ديارنا وأوطاننا إلا الله؟ والعياذ بالله! ودفعهم كرههم لما يدعو إليه الشيخ الحسيني أن انخرط كثير منهم في الأحزاب القومية واليسارية، وبعدما مرت المحنة بكل هذه السنون ثبت فشل هذه الطرق، وصحت هذه الكلمة التي قالها ذلك المفتي رحمه الله: عودوا إلى الله تعودوا إلى فلسطين.
ونختم الكلام بموقف لوالدة خالد الحسن أحد قادة منظمة التحرير: كانت تؤكد منذ بداية تأسيس فتح أن فلسطين لن يفتحها إلا المجاهدون المسلمون الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا.
وقد ذكر أحد أبنائها القصة التالية: كان زوجها أحد المجاهدين الأشداء في ثورة الشيخ عز الدين القسام، وكانت زوجته تشاركه في آماله وآلامه، وتؤدي دورها المطلوب في معركة المصير.
ففرحت المرأة عندما سمعت أبناءها يتحدثون عن تأسيس فتح، وكانت تذكرهم بجهاد أبيهم، فتطلب منهم أن يرتسموا خطاه.
واجتمع قادة فتح يوماً في بيت خالد، واستمر اجتماعهم طوال الليل، وكانت الأم ترصد حركات المجتمعين وأفعالهم، وكان الأبناء يستغربون من أمهم التصاقها بباب الحجرة التي تضم قادة الفتح، وبعد أن انفض الاجتماع دخلت عليهم وقالت لهم: شتان شتان بين اجتماعكم واجتماعات أبيكم وأصحابه؛ كانوا يقومون الليل صلاة وذكراً، وأنتم ما سمعت منكم إلا العبث والكلام الفارغ، وليست فيكم مواصفات الذين سيحررون فلسطين من العدو المغتصب.
فهذه الكلمة مع بساطتها من هذه المرأة التي قد تكون أمية تدل على أنها أدركت هذه الحقيقة، حقيقية أن النصر لا يكون إلا بعد أن نغير أنفسنا كما قال عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرعد:١١].
فليس النصر من واشنطن أو بكين أو موسكو، إنما النصر من الله عز وجل، فلابد من الأخذ بأسباب النصر، قال عز وجل:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}[المجادلة:٢١].