وقال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله تعالى: سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت باذان المدايني يقول: رأيت أقواماً من الناس لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فستر الله عيوبهم، وزالت عنهم تلك العيوب، ورأيت أقواماً لم تكن لهم عيوب اشتغلوا بعيوب الناس فصارت لهم عيوب.
قوله:(فصارت لهم عيوب) يعني: فانكشفت عيوبهم التي كانت مستورة.
ولعل في قاعدة (الجزاء من جنس العمل) -هذه القاعدة العدلية الإسلامية- زاجر للذين يخوضون في عيوب الناس، فيكفون عن الاشتغال بها خشية أن يعاملهم الله سبحانه وتعالى بما تقتضي هذه القاعدة، وهي أن الجزاء من جنس العمل؛ لأن البلاء -كما يقولون- موكل بالقول.
فعن إبراهيم قال: إني لأرى الشيء مما يعاب ما يمنعني من غيبته إلا مخافة أن أبتلى به.
أي أنه يرى شيئاً يُعاب، ويخشى أن يغتاب صاحبه، فإذا اغتابه وذمه بهذا العيب يخشى أن يعاقبه الله سبحانه وتعالى بأن يُبتلى بنفس هذا الشيء.
ويقول الأعمش: سمعت إبراهيم يقول: إني لأرى الشيء أكرهه، فما يمنعني أن أتكلم فيه إلا ما مخافة أن أُبتلى بمثله.
وقال عمرو بن شرحبيل رحمه الله: لو رأيت رجلاً يرضع عنزاً فضحكتُ منه لخشيت أن أصنع مثل الذي صنع.
يعني: لخشيت أن يعاقبني الله سبحانه وتعالى بأن يجعلني أفعل نفس هذا الشيء الذي صنعه هذا الرجل الذي رضع العنز.