أما سبب تسمية أهل السنة بالجماعة فيقول الإمام عبد القاهر البغدادي رحمه الله: إن أهل السنة لا يكفر بعضهم بعضاً، وليس بينهم خلاف يوجب التبري والتكفير، فهم -إذاً- أهل الجماعة القائمون بالحق، والله تعالى يحفظ الحق وأهله، فلا يقعون في تنابذ وتناقض، وليس فريق من فرق المخالفين إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض، وتبري بعضهم من بعض، كالخوارج والروافض والقدرية، حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد فافترقوا عن تكفير بعضهم بعضاً، وهذه علامة بارزة جداً للفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة، فتجد أن الفرقة الواحدة قد تتشعب منها عشر فرق، وكل فرقة تكفر الأخرى وتلعنها، وتوجب التبرؤ منها، وأن من لم يتبرأ منها فهو كافر، وهذه من أعظم المميزات لأهل البدع عن أهل الحق والسنة، فأهل السنة مهما اختلفوا فإنهم ما داموا محافظين على الضوابط الشرعية -لا يكفر بعضهم بعضاً، ولا يوجب بعضهم التبري من بعض.
وخلاصة القول أن الجماعة تعني الحق من الاعتقاد، أو أصحاب الاعتقاد الحق، وقد يعبر عن معنى الجماعة بأصل من أصولها، كما قال بعضهم: الجماعة أن تفضل أبا بكر وعمر.
وهذا أصل من أصول الجماعة فقط، وإلا فهي تعني كل مسائل العقيدة وإطلاقها على الاعتقاد الحق، كقولهم: الشذوذ عن الإجماع يعتبر مفارقة للجماعة.
كمن شذ عن الجماعة وأباح الغناء مثلاً، فهذا يعتبر شذوذاً وخروجاً عن الجماعة، أي: خروجاً عن الاعتقاد الحق.