ومما يكشف عن حظه من العلم أنه يصف القرآن العظيم في (ص١٢٥) فيقول: إن القرآن العظيم أتى على يد رجل بدوي، في أمة متخلفة بعيدة عن نور الحضارات.
وهذا الأسلوب في الكلام عن النبي عليه الصلاة والسلام فيه سوء أدب مع النبي عليه السلام، وفيه منافاة لقوله تعالى:{وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}[الفتح:٩]، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بدوياً على الإطلاق؛ لأن البدو هم القبائل الرحل الذين ليس لهم قرار ولا استيطان، وأما الذين يقيمون في مكان ما فهؤلاء حضر وليسوا بدواً، والسر في ذم البدو والأعراب في القرآن الكريم: أنهم يتنقلون؛ بحثاً عن المراعي والأمطار، ولا يقيمون على الإطلاق في مكان، ولا يتخذون لهم وطناً، وذلك يؤدي إلى أن يشيع فيهم الجهل إلا من رحم الله، وقد كانت مكة في مقدمة مدن الحضارة في زمن البعث، وكانت عاصمة التجارة في جزيرة العرب، ولذا سماها الله سبحانه وتعالى (أم القرى)، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:(من بدا فقد جفا)، أي: من تحول إلى البداوة فإنه يجفو وتكون فيه غلظة في أخلاقه، فأين البداوة ممن قال الله سبحانه وتعالى في حقه:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:٤]، وقال في حقه:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران:١٥٩].