للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منع الزواج ممن عرف بالفاحشة ومنع الاختلاط والبذاءة]

اتخذ الشرع نتيجة خطورة هذه المعصية إجراءات كثيرة جداً، منها منع الزواج ممن عرف بالفاحشة ومنع الاختلاط، وأنت إذا فتشت عن أي معصية وقعت من هذا النوع، وجدت أن أسبابها الأولى التي أدت إليها وجود خلل في نظام الأسلاك الشائكة، فالإسلام جعل من الرجال الأجانب والنساء نظام أسلاك شائكة تمنع اختلاط الحابل بالنابل، وتمنع ما يحدث في مثل هذه المجتمعات المتحللة، فإذا بحثت وفتشت فلا بد أن تجد ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة، قد تكون بدأت بنظرة، بمصافحة، بخلوة، بأي شيء من هذه الإغراءات التي سنذكرها، والتي من شأنها أن تمنع وقوع الفاحشة.

ومن ذلك أن الله سبحانه وتعالى حرم البذاء والفحش من القول، لأن الآذان تتعود على سماع الألفاظ القبيحة، فمنعها من الاحتياطات التي يسد بها ذرائع الفاحشة: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء:١٤٨].

وحرم الشرع أن يظن السوء بالمؤمن، وأوجب على المؤمن إذا سمع عن أخيه سوءاً أن يظن به البراءة من الإثم، والطهارة من السوء كما أنه يثق بنفسه أنه طاهر وبريء، كما قال تعالى: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ} [النور:١٢] يعني: بإخوانهم {خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور:١٢ - ١٣].

وقد حدث في عهد عمر أنه شهد ثلاثة بالفاحشة شهادة مفصلة، وتلكأ الرابع ولم يضبط الشهادة الشرعية المفروضة، فحد الثلاثة حد القذف، وبعض الناس في هذا الزمان يظنون الخوض في أعراض الناس أمراً سهلاً؛ لأنهم لا يعاقبون عقوبات شرعية، لكن أين يفرون من عقاب الله في الآخرة؟! فبعض الناس يعتبر الخوض في الأعراض بطولة، وبمجرد الظن أو الشك في الناس يشيع الفاحشة في المؤمنين، ويغفل عما ينتظره من العقاب الأليم! إذاً: يجب على أي مسلم إذا أتاه رجل فرمى شخصاً بالفاحشة أن يقول له: هل معك ثلاثة شهداء؟ فإذا لم يأت فلك أن تقول له: إنك من الكاذبين، إن هذا هو الإفك المبين الذي حذرنا منه الله سبحانه وتعالى.