[ذم الحسد في السنة النبوية]
وأما الأدلة من السنة فمنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سيصيب أمتي داء الأمم فقالوا: يا رسول الله! وما داء الأمم؟ قال: الأشر والبطر والتكاثر والتناجش في الدنيا، والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي) وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، وهي الحالقة، أما إني لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده! لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على ما تتحابون به أفشوا السلام بينكم).
وقال صلى الله عليه وسلم: (العين حق) أي: الضرر الحاصل عنها لا ينكره إلا معاند مكابر.
وقال صلى الله عليه وسلم: (العين حق تستنزل الحالق) والحالق هو: الجبل العالي.
وقال صلى الله عليه وسلم: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا) وقال صلى الله عليه وسلم: (العين تدخل الرجل القبر، والجمل القدر) (تدخل الرجل القبر) يعني: تقتله فيدفن في القبر.
(والجمل القدر) يعني: إذا أصابته مات أو أشرف على الموت؛ فيذبحه مالكه ويطبخه في القدر.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن العين لتولع الرجل بإذن الله حتى يصعد حالقاً ثم يتردى منه).
وعن أسماء بنت عميس قالت: (يا رسول الله! إن ولد جعفر تسرع إليهم العين، أفأسترقي لهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم، فإنه لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استعيذوا بالله من العين؛ فإن العين حق).
وعن أم سلمة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة -يعني: أثر سواد وتغير- فقال: استرقوا لها، فإن بها النظرة) أي: إصابة العين.
(ودخل النبي صلى الله عليه وسلم -كما تحكي عائشة - فسمع صوت صبي يبكي فقال: ما لصبيكم هذا يبكي؟ فهلا استرقيتم له من العين؟).
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان؛ فإن كل ذي نعمة محسود).
والجمع بين هذا الحديث وبين قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:١١]: أن النهي عن التحديث بالنعمة في الحديث قبل إتمام النعمة وقبل إنجازها، لكن إذا تمت يحدث إذا أمن العين، أو يكتم عند خوف الحسد، فإن أمن ذلك فلا يكتم.
فقوله: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان) هذا قبل الحوائج وقبل قضائها، أما بعد قضائها فلا بأس بالإخبار.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين).
وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق) فهذا دليل على أن الإنسان العائن قد يعين الشيء بدون قصد سواء في نفسه أو ماله أو ولده أو غيره.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم دواء ذلك والاحتماء منه بأن تبرك وتقول: بارك الله فيك، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق) (ورقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك).