للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طهارة مكان الذكر]

أول هذه الآداب: أن يكون المكان الذي يذكر الله سبحانه وتعالى فيه نظيفاً خالياً؛ لأن التنزه عن ملابسة النجاسة مطلقاً مندوب إليه في كل الأحوال، فتدخل حالة الذكر والدعاء تحت ذلك دخولاً أولياً، والإنسان إذا أراد ذكر الله فينبغي أن يكون في مكان خال طيب لا نجاسة فيه ولا قاذورات.

وصحيح أنه لم يرد دليل يدل بخصوصه على هذا الحكم، لكن هذا الذكر -بلا شك- عبادة للرب سبحانه وتعالى، والنظافة على العموم ورد الشرع بالترغيب فيها، كما قال عز وجل: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:٤ - ٥] فمن هنا مدح الذكر في المواضع الشريفة وفي المساجد، فعن أبي ميسرة رضي الله عنه قال: (لا يذكر الله تعالى إلا في مكان طيب) أي: لا يذكر الله تعالى باللسان إلا في مكان طيب.

ولذلك فإن من الآداب أن الإنسان في الخلاء لا يذكر الله بلسانه، وإنما يذكر الله بقلبه، ولذلك كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا خرج من الخلاء قال: (غفرانك).

وبعض العلماء قالوا: يستغفر لتوقف لسانه عن الذكر في هذا الوقت؛ لأن هذا المكان لا يليق أن يذكر فيه الله سبحانه وتعالى.

كذلك يكون المكان الذي يذكر الله فيه خالياً عن كل ما يشغل البال ويحصل من وجوده الوساوس والأشغال، فذلك أقرب إلى حضور القلب، وأبعد عن الرياء والمباهاة، وأكثر عوناً على تدبر ما يذكر الله سبحانه وتعالى به، فهذه الحالة -بلا شك- هي أكمل مما يخالفها.