فكما ذكرنا يتأنق في مظهره وملابسه ويغلو في ذلك إلى حد الرعونة، نعم، صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسناً؟ فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس) قوله: (وغمط الناس) يعني: عدم إنزالهم منازلهم بحيث يرى في نفسه أنه أعظم من هذا فيتكبر عليه، ويحاول أن يضع من قدره، ويعامله بأقل مما يستحق من المعاملة.
فحد الكبر هو بطر الحق وغمط الناس، يقول الله عز وجل:{وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}[الأعراف:٨٥].
ونعم صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من كان له شعر فليكرمه)، وصح عنه أنه قال:(من كان له مال فلير عليه أثره)، (ولما رأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره، قال: أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره)(ورأى رجلاً عليه ثياب وسخة فقال: أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه)، لكن ليس الأمر بحيث يكون شغل الإنسان الشاغل هو دهن الشعر والرأس وتسريحه عاكفاً أمام المرآة، حتى يكون هذا المظهر شغله الشاغل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كما صح عنه وما مضى صح عنه أيضاً:(أنه كان ينهى عن الإرفاه) والإرفاه: هو كثرة التدهن والتنعم.
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً في الحديث الآخر:(أنه نهى عن الترجل إلا غباً)، يعني: يوم ويوم لا، بحيث لا يواظب عليه كل فترة حتى يكون شغله الشاغل.
وقال عليه الصلاة والسلام:(إياكم والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كل ما شئت، والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: ترف ومخيلة.
وبين عليه الصلاة والسلام أن من علامات الحياء من الله والرغبة في الآخرة الإعراض عن زينة الدنيا، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استحيوا من الله تعالى حق الحياء، من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموتى والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).
وندبنا أيضاً إلى التواضع في المظهر، ووعدنا عليه الأجر والكرامة، فعن معاذ بن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها)، يعني: أن الإنسان لو كان عنده ملابس نفسية وجميلة جداً وغالية جداً وامتنع عن لبسها أحياناً أو دائماً بنية استحضار هذا الحديث وهذا الثواب تواضعاً لله عز وجل، فإن الله يكافئه بأن يدعوه يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها.