إن بغاة الشر في رمضان للأسف الشديد كثيرون، ومن أسوئهم وأقبحهم هؤلاء الذين يضيعون أعظم فريضة في الإسلام، ألا وهي فريضة الصلاة التي هي عمود هذا الدين وثانية العبادات وناهية عن السيئات، يقول عز وجل {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت:٤٥] فنجد من يترك الصلاة بالكلية ويحسب أنه على شيء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن ترك الصلاة فقد كفر).
ودعنا من الخلاف بين العلماء هل تارك الصلاة كافر كفراً أكبر يخرج من الملة وأنه إذا مات مصراً على تركها فإنه لا يورث ولا يغسل ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يجوز الدعاء له بالمغفرة، أو أنه مسلم عاص فاسق بفعله؟ وإنما أهمس فقط في أذن هذا الذي يترك الصلاة ويستأنس بقول من يقول له: إنك مسلم عاص.
فهل تقبل أن يكون انتسابك إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإلى دين محمد صلى الله عليه وسلم موضع خلاف بين العلماء؟! فعالم يقول عنك: أنت مسلم فاسق شر من الزاني والسارق وشارب الخمر وآكل الربا وقاتل النفس التي حرم الله، أنت شر من هؤلاء كلهم ومعرض لسخط الله وعقوبته في الدنيا والآخرة، وآخر يقول: بل أنت مثل أبي جهل وأبي لهب وفرعون وهامان وقارون وإخوانهم من أعداء الله! فهل تقبل أن يكون انتسابك إلى الإسلام محل خلاف العلماء؟! ومن يقبل لنفسه هذا الوضع؟! يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه القيم (الصلاة وحكم تاركها) في تحقيق هذه المسألة -وقد انتهى إلى تكفير تارك الصلاة كفراً أكبر- يقول رحمه الله تعالى: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمداً من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة.
فهذا متفق عليه بين جميع علماء المسلمين، ولا خلاف في ذلك أبداً.
وقد تجد تارك الصلاة يتمدح بأنه يتعفف عن الزنا، أو أنه إذا اتهم بأنه سارق يشمخ بأنفه ويقول: كيف أكون سارقاً؟! ويغضب بسبب ذلك، أو غير ذلك من الذنوب كقتل النفس أو شرب الخمر أو غير ذلك، وهو لا يدري أن المصيبة التي ابتلي بها أشد من كل هذه المعاصي مجتمعة.
نعجب لتارك الصلاة كيف يتمتع بنعم الله وبعافية الله وبرزق الله سبحانه وتعالى! فخير الله إليه نازل وشره إليه صاعد.
فالإنسان من غير صلاة لا خير فيه، ولا خير في دين لا صلاة فيه.
قال أمير المؤمنين:(ألا وإن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر).
إذاً فشهر رمضان فرصة عظيمة جداً لبغاة الخير أن يأمروا بغاة الشر ممن يصرون على ترك الصلاة أن يفتحوا صفحة جديدة، وأن يتوبوا إلى الله عز ويؤدوا الصلاة لله تبارك وتعالى.