[خذلان الله سبحانه وتعالى لإسماعيل منصور في بداية بحثه]
إن الله سبحانه وتعالى خذله في بداية البحث وفي خاتمته، وأما ما بين الدفتين فإن شاء الله سنتكلم عنه فيما بعد ذلك.
فأول الأمر هو أنه تعالى قطع عنه أعظم أسباب التوفيق، وهو سؤال العلماء، قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣]، وقال تعالى:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء:٨٣].
فلو أن الحمزة عرض البحث على أهل العلم قبل أن ينشره لكان قد جنب الأمة شراً عظيماً؛ إذ كيف يمكن أن ينشر مثل هذا البحث بهذه الطريقة؟! أين المسئولية أمام الله؟! فأول شيء كان يجب أن يفعله هو أن يعرضه على أهل العلم ليقولوا فيه قولتهم.
ثم ختم الكتاب -أيضاً- بما سنذكره، فأعرض تماماً عن كلام العلماء، ولا يوجد عزو واحد فقط إلى أي مصدر علمي، لا تفسير ولا فقه ولا أصول ولا ذكر لاسم عالم واحد فقط، بل ويفتخر بذلك، ويعتقد أن هذا من أعظم محاسنه! وأقول: إن اتباع نظر من لا نظر له، واجتهاد من لا اجتهاد له هو محض ضلالة، ورمي في عماية، فهذا هو مقتضى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا).
إعراض كامل عن سؤال أهل الذكر مع ادعاء الاجتهاد والتجديد، حيث يدعي أنه يجدد للناس أمر دينهم، وأنه مجتهد بلغ مرتبة الاجتهاد! فماذا تكون النتيجة؟ النتيجة هي هذه الثمرات المريرة، وهذه الجرأة على الله والقول على الله بغير علم، فإن التعالم دائماً هو عتبة الدخول على جريمة القول على الله بلا علم المحرمة لِذَاتها تحريماً أبدياً في جميع الشرائع والملل، وهذا مما عُلم من الإسلام بالضرورة.
فنقول: هل الصحابة عرفوا أن النقاب حرام؟! فإن عرفوا أن النقاب حرام فهل وسعهم أن يعلنوا أن النقاب حرام أم سكتوا عن هذا؟ فإن ادعى أنهم أعلنوا فأين الدليل؟! وإن علموا أنه حرام ولم يظهروا ذلك فنقول له: أفلا وسعك ما وسعهم؟! وإنا لندعو عليه كما دعا عبد الرحمن الأذرمي على بعض أهل البدع في مناظرة حكاها ابن قدامة في لمعة الاعتقاد، فنقول لـ إسماعيل منصور: هل وسع الصحابة والسلف أن يسكتوا عن تحريم النقاب أم لم يسعهم؟ فإن قال: وسعهم أن يسكتوا عن تحريمه فنقول: لا وسّع الله على من لم يسعه ما وسع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالحين والخلف من بعدهم.
ولا يسعني في هذا المقام أن أتكلم بالتفصيل، وإن كنت في شوق شديد إلى أن نفضح هذه الجريمة، ونكشف عدوانه بالأدلة، فإنه يتكلم في العلماء الذين خالفوه فيقول: أم ماذا أصاب عقولهم على وجه التحديد؟! كأن العلماء ناقصو العقل! ثم يختم البحث فيقول: لقد فتح لنا العلم الموضوعي في هذا البحث المحايد آفاقاً عظيمة في الإسلام تقوي العقيدة، ونحن نفاخر بذلك، ونعتقد أنها تكون في ميزان حسناتنا، وأننا سوف ننال بها -إن شاء الله- الفردوس الأعلى من الجنة إلى آخره.
فهو يعتقد عقيدة إيمانية يقينية راسخة -وسبحان الله! - أن بحثه فتح آفاقاً عظيمة في الإسلام تقوي العقيدة، وتثبت الأحكام، وتدفع إلى مزيد من الالتزام! وأقول: إنما هو التزام بهدي هدى شعراوي، ومزيد من الالتزام بهدي قاسم أمين، لكن لا مزيد من الالتزام بهدي عائشة أم المؤمنين، أو حفصة، أو أسماء.